مختصون دوليون لـ"الاقتصادية": سياسة السعودية "مثلى" لتجنيب السوق النفطية أية صدمات
أكد لـ"الاقتصادية" مختصون أن السعودية حريصة على العمل الجماعي مع المنتجين، وتقاسم المسؤولية للنهوض بالسوق والصناعة. وأشاروا إلى أن المملكة تعتمد سياسة هادئة لتجنب سوق النفط الخام أي صدمات، مبينين أن السعودية تحافظ على بقاء أواصر التعاون قوية بين كل المنتجين.
وقال فيتوريو موسازي مدير العلاقات الدولية في شركة "سنام" الإيطالية للطاقة، إن السعودية دون شك لديها فائض كبير في إنتاج النفط، ولكنها لن تستخدم هذا الفائض بدون تشاور مع بقية الشركاء نظرا لحرصها على حماية العمل الجماعي للمنتجين وتقاسم المسؤولية للنهوض بأوضاع السوق والصناعة.
ولفت إلى أن السعودية أكدت مرارا على لسان المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، أن "أوبك" ستظل تعتمد على سياسات هادئة لتجنب السوق أي صدمات، موضحا أن هذه هي السياسة المثلى التي تحافظ على استمرار السوق قويا. وأضاف: "وجدنا حاليا تغيرا في مواقف المنتجين للتحول نحو زيادات إنتاجية تدريجية تعوض نقص المعروض وتجنب السوق أي اضطرابات تؤثر بالسلب في الاستقرار وهو الهدف الجماعي المتوافق عليه من كل الأطراف".
من ناحيتها، أكدت ويني أوكيلو المحللة الأمريكية من شركة "أفريكا انجينيرنج"، أن تعهد السعودية بتعويض أي فجوة في العرض هو التزام مطمئن للسوق على نحو واسع ويزيح كل المخاوف من اهتزازها جراء التهاوي الواسع المنتظر في الصادرات النفطية الإيرانية بسبب العقوبات الاقتصادية، لافتة إلى توقعات وكالة بلومبرج بارتفاع الإنتاج السعودي إلى 11 مليون برميل يوميا في الأمد القصير.
وذكرت أن السعودية حريصة في تنفيذ زياداتها الإنتاجية من خلال عدم خرق اتفاق "أوبك" وخارجها، وذلك للمحافظة على بقاء أواصر التعاون قوية والتزام المنتجين واسعا حتى تستكمل كل أهداف استقرار السوق على أساس مستدام، علاوة على تطوير الشكل المؤسسي للتعاون المستقبلي بين المنتجين.
بدوره، قال جوران جيراس مساعد مدير بنك "زد أيه إف" في كرواتيا، إن زيادات مؤثرة جرت على الإنتاج السعودي في شهر حزيران (يونيو) الماضي والذي ارتفع إلى 10.3 مليون برميل يوميا بينما تشير تقديرات أخرى إلى ارتفاعه إلى 10.7 مليون برميل يوميا، وهو في كل الأحوال يعد مستوى قياسيا، حيث كانت السعودية قد أجرت تخفيضات طوعية تفوق حصتها منذ تطبيق الإعلان المشترك في بداية عام 2017.
إلى ذلك، قالت شركة أرامكو السعودية أمس، إنها خفضت سعر بيع خامها العربي الخفيف في الشحنات المتجهة إلى الزبائن الآسيويين لشهر آب (أغسطس) 0.20 دولار للبرميل مقارنة بشهر تموز (يوليو) ليصل إلى علاوة قدرها 1.90 دولار للبرميل فوق متوسط الأسعار المعروضة لخامي عمان ودبي.
وخفضت أرامكو سعر البيع الرسمي لخامها العربي الخفيف إلى شمال غرب أوروبا بمقدار 0.45 دولار في شحنات آب (أغسطس) مقارنة بالشهر السابق إلى سعر برنت مخصوما منه 2.85 دولار للبرميل. وتَحدد سعر الخام العربي الخفيف لشهر آب (أغسطس) في الشحنات المتجهة إلى الولايات المتحدة عند 0.80 دولار فوق مؤشر أرجوس للخامات العالية الكبريت، بما يقل عشرة سنتات للبرميل عن الشهر السابق.
وفي سياق متصل، مالت أسعار النفط الخام إلى الانخفاض بسبب اشتعال مخاطر الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. ويعزز الانخفاضات السعرية الزيادات الإنتاجية التي تضخها دول "أوبك" والحلفاء من خارجها إلى جانب الزيادات المستمرة أيضا في مستويات الإنتاج الأمريكي وتقلبات مستويات الطلب على النفط الخام.
وتأثرت أسعار النفط بالخلاف التجاري المتصاعد بين واشنطن وبكين، والذي أثار موجة هبوط أخرى في الأسهم الآسيوية أمس، إذ حذرت الصين الولايات المتحدة من أنها قد تفرض رسوما على واردات الخام الأمريكية في موعد لم تحدده بعد. وبلغ سعر خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة 77.68 دولار للبرميل، بحلول الساعة 0532 بتوقيت جرينتش، منخفضا 56 سنتا أو 0.7 في المائة عن الإغلاق السابق. وتراجع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي في العقود الآجلة 45 سنتا أو 0.6 في المائة إلى 73.69 دولار للبرميل.
وكانت أوبك بدأت مع بعض من المنتجين من خارج المنظمة بقيادة روسيا تقييد الإنتاج في 2017 لتعزيز الأسعار. وجاءت ارتفاعات الأسعار في الآونة الأخيرة مدفوعة بإعلان الولايات المتحدة عزمها إعادة فرض عقوبات على إيران من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، مستهدفة صادرات النفط. وفي حزيران (يونيو) الماضي، أعلنت "أوبك" وروسيا أنهما على استعداد لزيادة الإنتاج لتبديد المخاوف من نقص المعروض بسبب التعطل المفاجئ لإمدادات من فنزويلا وليبيا، ومن المرجح أيضا أن يعوضا الانخفاض المحتمل في الإمدادات الإيرانية بسبب العقوبات الأمريكية.
ورغم هذه الإجراءات الرامية لتعويض الإمدادات المتعطلة، قال جولدمان ساكس أمس الأول، في مذكرة للعملاء إن السوق ستظل تشهد نقصا في النصف الثاني من العام. وقال مصدر مطلع على بيانات إنتاج النفط الروسي لـ"رويترز" أمس، إن إنتاج روسيا النفطي زاد إلى 11.193 مليون برميل يوميا في الفترة من الأول وحتى الرابع من تموز (يوليو) الجاري، من 11.06 مليون برميل يوميا في حزيران (يونيو) الماضي، بعد أن قرر كبار منتجي النفط تخفيف قيود طوعية على الإنتاج.
وكان ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي قد أكد أن بلاده ستزيد إنتاجها النفطي بنحو 200 ألف برميل يوميا في النصف الثاني من العام بعد أن بلغ الإنتاج 10.97 مليون برميل يوميا في المتوسط خلال الفترة بين آذار (مارس) وأيار (مايو) الماضيين.
وتأتي الزيادة بعد قرار منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" ومنتجين آخرين للنفط بقيادة روسيا تقليص تخفيضات الإنتاج والعودة إلى الالتزام الكامل باتفاق فيينا، الذي دخل حيز التطبيق منذ مطلع 2017. واتفقت روسيا في البداية على خفض إنتاجها بمقدار 300 ألف برميل يوميا من المستوى المسجل في تشرين الأول (أكتوبر) 2016 البالغ 11.247 مليون برميل يوميا، وهو الأعلى في 30 عاما، اعتبارا من مطلع 2017 في إطار جهود عالمية رامية لتقليص تخمة مخزونات النفط وتعزيز أسعار الخام.
وارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 75.38 دولار للبرميل أمس الأول مقابل 74.95 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، أمس إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول ارتفاع عقب انخفاض سابق، كما أن السلة كسبت نحو ثلاثة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي والذي سجلت فيه 72.69 دولار للبرميل.