محسون جلال.. شمس قدوة لا تغيب
ثمة أُناس تخلدهم ذكراهم العطرة وسجلات أعمالهم الوطنية وسجاياهم الإنسانية النبيلة.. من هؤلاء محسون جلال رائد الفكر التصنيعي في المملكة وإحدى العلامات البارزة في التجربة النهضوية للمملكة. محسون جلال كانت المملكة أحب البلاد إليه وقد تُرجم هذا الحب عطاء وسعياً حثيثاً حتى تتبوأ المملكة الموقع الذي تستحقه وتتربع في المكانة التي تليق بها. محسون جلال نموذج يحتاج إلى أن تعرفه كل الناشئة السعودية، فهو بحق من القدوات الصالحة والنماذج الوطنية التي ينبغي لشبابنا أن يتفتح وعيه على سيرتها العطرة. محسون جلال كان يمتلك فكراً ثاقباً وكانت أفكاره تسبق عصره إلى الحد الذي نستشعر معه أن ما قاله منذ عقود هو وليد اللحظة وأن ما به من أفكار تحتفظ بحراراتها وحيويتها وكأن من صكها أخرجها من جعبته للتو .. ولم لا وقد كان محسون أول من دعا وشدد على ضرورة أن تسلك المملكة طريق التصنيع وأن يكون النفط مدخلاً تلج منه المملكة إلى دنيا الصناعات الثقيلة باعتبارها الرافعة الرئيسة لكل انطلاقة تنموية.
إن الجميع مدعو لأداء بلمسة وفاء لهذا الرجل وإذا كنا قد فاتتنا فرصة تكريم رجل بهذه القيمة وهو على قيد الحياة فلا ينبغي أن نستمرئ التقصير ونهمله بعد وفاته. لقد كُرم محسون جلال ونال الأوسمة في عديد من الدول مثل تايوان وتونس ومالي وغيرها، ومع كل التقدير لهذه البلدان فنحن أولى بتكريم محسون منهم.
نتذكر محسون جلال فنتذكر الصبر والمثابرة، فكم كان محسون مليئا بروح التحدي والإصرار، وكم كان شديد العريكة لا تلين عزيمته ولا يستسلم لدعوات التيئيس والإحباط، ومما نذكره عن محسون في هذا الصدد ما قاله عندما طعن البعض في جدوى دعوته إلى تأسيس صناعة الورق بالمملكة بسبب ندرة المياه وقلة الأشجار، حيث قال محسون إنه سيلجأ إلى إنشاء غابة صناعية في الرياض لو اقتضى الأمر ذلك من أجل إنجاح هذا المشروع.
نتذكر محسون جلال فتتبادر إلى الأذهان صفاته الإنسانية النبيلة التي اكتسبها من إيمانه بجوهر عقيدته ودينه الحنيف وحسه الإنساني المتسامي.. كل من عايش محسون يجزم بأنه كان شديد الإيمان بروحية الفريق في إدارة الأعمال والجماعية في اتخاذ القرار ولين الجانب وخفض الجناح دون أن يعني ذلك الانزلاق إلى وهدة الفوضى وتضييع المسؤوليات والافتئات على الصلاحيات.
ألف سلام وتحية إلى روح محسون جلال الذي لم ولن يغيب عن ذاكرة وطن لا ينسى أبناءه المخلصين، ودعواتنا لله العلي القدير أن يمنحنا رجالاً بقامة محسون وإخلاصه ينيروا الدرب ويحملوا الشعلة ويمهدوا الطريق لأجيالنا من أجل صناعة مستقبل واعد.