مقاطعة تركيا سياحيا .. البدائل أفضل
تشكل السياحة عموما أهمية كبيرة لشريحة كبيرة من المجتمع سواء كانت سياحة داخلية أم خارجية، ومن ضمن الدول التي كانت تعد وجهة رئيسة للسياح السعوديين ضمن وجهات متعددة للسياحة الخارجية هي تركيا، بل تجاوز الأمر ذلك للاستثمار وتملك العقارات هناك من قبل السعوديين، وذلك بسبب طبيعة الأرض والأجواء المعتدلة صيفا، كما أسهمت الحملات مدفوعة الأجر لمشاهير "السوشيال ميديا" في الخليج للترويج للسياحة والتملك هناك.
لكن بعد المواقف العدائية التي تصدر من الرئيس التركي أردوغان بين فترة وأخرى تجاه المملكة خاصة، والخليج عموما، أطلق السعوديون حملة لمقاطعة شاملة لتركيا من ضمنها مقاطعة السياحة هناك كردة فعل طبيعية دفاعا عن وطنهم الذي كان من الداعمين لنهضة اقتصاد تركيا سياحيا واستثماريا قبل أن يجاهر الرئيس التركي بعدوانيته، حيث يتجلى حقده وكرهه للمملكة تحديدا.
ومع انطلاق حملة المقاطعة الشعبية آتت أكلها منذ اليوم الأول وما زالت مستمرة وتفاعل معها الشعب وتزامنت بدعم كبير من رجال الأعمال وأصحاب المصانع ومراكز التسوق فيما انضمت دول خليجية وعربية إلى المقاطعة، كل هذا يجعلنا نبحث عن بدائل سياحية أخرى تتسم بالطبيعة نفسها والأجواء في تركيا، خاصة إذا ما كانت المسافة جوا متقاربة، حيث إن البدائل كثيرة ومتنوعة، بل حتى التكلفة تعد أقل بكثير منها في تركيا.
ومن تلك الوجهات - على سبيل المثال لا الحصر - التي تعد بديلا مناسبا من حيث المسافة والطبيعة: دول وسط آسيا، مثل: كازاخستان وأوزبكستان وقيرغيزستان، ودول جنوب أوروبا الشرقية كالبوسنة والهرسك وألبانيا وغيرها، فعلاوة على ما تتمتع به هذه الدول من طبيعة خلابة وأجواء بين معتدلة وشبه باردة صيفا ومستوى الأمن فيها متميز، إضافة إلى طبيعة السكان الاجتماعية، فتكلفة السياحة هناك أقل بكثير منها في تركيا، بل تعد بمنزلة أرض بكر للوجهات السياحية في الخارج وأرض خصبة للاستثمار، فضلا عن نسبة المسلمين العالية فيها.
وحقيقة لفت نظري ما قامت به غرفة الرياض التجارية من خطوة جريئة ووطنية وهي غير مستغربة من رجال الأعمال لدينا متمثلة في أعضائها ورئيسها عجلان العجلان، الذي طالب بمقاطعة المنتجات التركية، وصاحب اللاءات الثلاثة في المقاطعة (لا للسياحة ولا للاستثمار ولا للاستيراد) حيث حثت هذه الخطوة بقية رواد الأعمال ورجالاته في جميع مناطق مملكتنا الغالية على الاستجابة الفورية لها.
وحقيقة فإن الجميل في الأمر هو أن الغرفة لم تكتف بهذه الخطوة في مجال مقاطعة السياحة فحسب، فنجد أنها سبقت الموسم المقبل للصيف بالاجتماع مع عدد من ممثلي الدول المقترحة، حيث اجتمع رئيس الغرفة التجارية في الرياض مع سفراء البوسنة والهرسك وكازاخستان وألبانيا خلال أسبوع واحد فقط لبحث فرص الاستثمار وزيادة التبادل التجاري وتعزيز وتهيئة قطاع السياحة هناك، وهي خطوة تحسب لهم حيث لم يكتفوا بالمقاطعة، بل توفير سلة من وجهات البدائل المناسبة، وإيجاد فرص استثمارية من شأنها توثيق العلاقات بين المملكة وتلك الدول.
كما نتمنى أن تكون هناك خطوات مشابهة في توفير البدائل في مجالات أخرى، كالأثاث والملابس والغذاء تكريما لكل من أسهموا في حملة المقاطعة أفرادا أو شركات، وهي خطوة نتوقع أنها حاضرة بلا شك في جدول أعمال الغرفة المبارك.
حتى لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ولا يتكرر سيناريو الاستثمار في تركيا، فإن تعزيز التجارة والاستثمار بكل مجالاته مع أي بلد آخر لا بد أن يحضرنا دراسة الوضع السياسي ومكوناته هناك ومدى استقراره وترحيبه بالاستثمارات السعودية، ما يقلل المخاطرة للمستثمرين ويضمن كل حقوقهم ويسهم في إيجاد بيئة سياحية استثمارية آمنة لراغبي السياحة والاستثمار في الخارج. كما نأمل أن تكون هناك ملتقيات برعاية الغرفة التجارية توضح مقومات ومزايا السياحة والاستثمار في أي بلد يعد مقصدا في هذا المجال. كما أن ذلك لا يتعارض مع برامج دعم السياحة الداخلية الذي شهد قفزات رائعة وتطورا ملحوظا بدعم من الحكومة والقطاع الخاص الذي يسير بشكل رائع نحو جعل السياحة الداخلية قناة استثمارية ضمن مستهدفات 2030.