اللقاحات وأزمة المصداقية في الغرب «2 من 2»
حقيقة كلما تعثرت عملية توزيع اللقاحات العالمية، زاد الضرر طويل المدى الذي يلحق نظاما دوليا مرهقا بالفعل. يتمحور هذا النظام، الذي تم تصميمه منذ ما يقرب من 80 عاما، حول الاقتصادات المتقدمة التي قدمت تاريخيا "منافع عامة" رئيسة، مثل عملة دولية مستقرة (الدولار)، وتمويل ضخم للمؤسسات متعددة الأطراف. في مقابل هذه المساهمات، تمتعت الاقتصادات المتقدمة بامتيازات هائلة، بما في ذلك حق النقض بحكم الأمر الواقع على قضايا الحوكمة العالمية، ورسوم سك العملات، وانخفاض تكاليف التمويل اليومية (من خلال العمل كوجهة لمدخرات الآخرين).
ومع ذلك، في حين يمنح النظام الدولي في فترة ما بعد الحرب الاقتصادات المتقدمة نفوذا غير متناسب في الشؤون العالمية، فإن مصداقيتها وأداءها الأساسي يعتمدان في النهاية على ما إذا كان قادتها يتصرفون بمسؤولية. أشارت الأزمة المالية في 2008 إلى أنهم لم يتصرفوا على النحو المرغوب، وأدى اعتماد العالم الغني المطول والمفرط على مزيج من السياسات التي تعتمد اعتمادا مفرطا على السياسة النقدية منذ ذلك الحين، إلى تفاقم الضرر الذي لحق بمصداقيتها.
في ظل هذه الخلفية، من شأن عملية توزيع اللقاحات غير المتوازنة وغير العادلة وغير الفعالة أن توجه ضربة قوية إلى استمرارية النظام على المدى الطويل. من المؤكد أن ذلك يناسب الصين. وبفضل تنامي قوتها الاقتصادية ونطاقها العالمي، ظلت تتحدى بشدة شرعية وجاذبية النظام الذي يهيمن عليه الغرب، الذي تصفه بأنه غير موثوق به ويعتمد على علاقات غير متكافئة مع الدول النامية.
مع ذلك، نظرا إلى عدم قدرة المرء على استبدال شيء ما بلا شيء، فقد كانت النتيجة تطورا بطيئا لكنه ثابت لنوع من النظام الهجين. لا يزال نظام ما بعد الحرب قائما، لكن هيمنته تتآكل تدريجيا بسبب انتشار الترتيبات التي تتجاوز جوهره. تشمل الأمثلة المؤسسات الجديدة متعددة الأطراف (مثل البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية وبنك التنمية الجديد)، والخطط الإقليمية الجديدة (ولا سيما مبادرة الحزام والطريق الصينية)، وصفقات تجارية واستثمارية ثنائية جديدة.
وبسبب هذه التطورات، ضعفت العملية الشاملة للاقتصاد العالمي، مع عواقب وخيمة على الجميع. وكلما طال تأخر التلقيح في أجزاء كثيرة من العالم النامي، زاد الضغط على الدول التي تم تلقيح سكانها لتبني عقلية التحصين. ونظرا إلى تفكك النظام الدولي، فقد يصبح أقل استقرارا؛ ما يقلل من احتمالات تحقيق نوع النمو العالمي المتزامن المطلوب لتحسين أداء الدول الفردية. علاوة على ذلك، مع استمرار تآكل الثقة بالنظام، ستواجه الاقتصادات المتقدمة تحديات إضافية في الأمن القومي.
إن الثقة سلعة ثمينة: من الصعب تأسيسها، ومن السهل تآكلها، ومن الصعب للغاية استعادتها. على الرغم من أن النظام الدولي الحالي أبعد ما يكون عن الكمال، إلا أنه أفضل من أي من البدائل، ولا يزال قابلا للإصلاح بشكل بارز. يجب على الاقتصادات المتقدمة ألا تعرضه للخطر من خلال تأخير جهود التلقيح العالمية.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2021