البيت الأبيض والتعامل مع الاحتياطي الفيدرالي «2 من 2»
ليس من المستغرب أن يشعر برنانكي؛ بخيبة أمل مريرة إزاء التعافي الهزيل بعد 2008. في أواخر تسعينيات القرن الـ20، زعم برنانكي بصخب أن بنك اليابان يجب أن يفعل كل ما يلزم لإعادة الاقتصاد الياباني إلى مستوى التشغيل الكامل للعمالة. لكن الأمور بدت مختلفة من منظوره عندما ترك الأوساط الأكاديمية للعمل في البنك المركزي. ولم تبدأ نسبة تشغيل العمالة إلى السكان في الولايات المتحدة في الارتفاع بمعدل نقطة مئوية واحدة سنويا (اللازم لجعل الاقتصاد على مسافة قريبة من التشغيل الكامل للعمالة) إلا بعد رحيله من الاحتياطي الفيدرالي. وصلت النسبة إلى هذا المستوى أثناء الولاية الوحيدة للرئيس الجمهوري دونالد ترمب؛ الذي عين جيروم باول؛ في محل جانيت يلين، ثاني رئيس لبنك الاحتياطي الفيدرالي في عهد أوباما.
الآن يبدو أن الرئيس الديمقراطي جو بايدن؛ على وشك إعادة تعيين باول؛ لولاية أخرى مدتها أربعة أعوام. لا أدري ما الذي قد يدفعه إلى هذا؟ الواقع أن وجهات نظر باول فيما يتصل بالتنظيم المالي وإدارة الاقتصاد الكلي لا تتماشى على الإطلاق مع شبه الإجماع من جانب الديمقراطيين. ورغم أنه أمضى الأعوام الأربعة الأخيرة في ملاحقة سياسات أسعار الفائدة والتيسير الكمي التي تتفق مع وجهة النظر الديمقراطية السائدة، فإن من الأهمية بمكان أن نضع في الحسبان عاملين رئيسين وراء ذلك.
السبب الأول هو أن الحزب الجمهوري انقسم من الوسط، فأصبح محايدا بالتالي، بفعل الصراع المرير بين غرائز المال السهل في تمويل حملات المرشحين الفرادى المنتشرة بين الأعضاء البارزين في الحزب الجمهوري وغرائز المال السهل في تمويل حملات الحزب ككل عند ترمب؛ المطور العقاري، الذي من غير الممكن أن يكون المال في نظره رخيصا. السبب الثاني هو أن لايل برينارد؛ محافظة الاحتياطي الفيدرالي كانت مقنعة للغاية عندما زعمت أن سعر الفائدة المحايد الحالي لا يزال أقل من الصـفر، عندما تحدثت عن ضرورة استيعاب التضخم المدفوع بصدمة العرض التي أحدثتها جائحة مرض فيروس كورونا - كوفيد - 19.
الآن، يتلاشى العامل الأول. فمن دون ترمب في المنصب، وفي غياب الخوف من أن تتسبب الأموال الـمحـكـمة في تآكل هوامش التصويت في الأمد القريب، يوشك الجمهوريون على الاتحاد بأغلبية ساحقة حول نقطة مفادها أن السياسة النقدية بحاجة إلى قدر كبير من التشديد والإحكام على الفور. وسينصت باول؛ الجمهوري الأصيل، ويتبع هذا الخط.
إذا كنت تتصور أن منظور المال الصعب الجمهوري المعتاد سياسة جيدة في هذه المرحلة من التعافي، فهذا حقك. ولكن إذا كنت لا تشعر بالتعاطف مع هذا الرأي، فينبغي لك أن تكون معارضا بشدة لإعادة تعيين باول. يتمثل البديل الواضح في لايل برينارد؛ الاقتصادية الأكاديمية سابقا ووكيل وزارة الخزانة الأمريكية التي خدمت في مجلس الاحتياطي الفيدرالي منذ 2014.
لإعادة تعيين باول؛ يتعين على بايدن ومستشاريه أن يسوقوا حجة مقنعة ضد اختيار برينارد. فهل يزعمون أنها تفتقر إلى المهارات الفنية الضرورية، أو الخبرات، أو الكاريزما، أو القدرة على الإقناع فيما يتعلق بالسياستين النقدية والتنظيمية؟ لا أتمنى أن يحدث هذا بكل تأكيد. فقد تمسكت برينارد بالمسار في موقعها عبر الأيام المظلمة في عهد إدارة ترمب. من منظور إدارة ديمقراطية تتمتع حاليا بأغلبية ضئيلة في مجلس الشيوخ، فإن تعيينها رئيسة لبنك الاحتياطي الفيدرالي لابد أن يكون قرارا سهلا.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2021.