تحت حماية المرشد .. فساد أثرياء إيران إلى الواجهة

تحت حماية المرشد .. فساد أثرياء إيران إلى الواجهة
تحت حماية المرشد .. فساد أثرياء إيران إلى الواجهة

أظهر تقرير نشرته مجلة "فوربس" المتخصصة في شؤون المال والأعمال أخيرا - يتناول أحوال وأوضاع طبقة الأثرياء في إيران، التي ينتسب إليها عدد كبير من رجالات السلطة المحسوبين على نظام الملالي، في حين تتسع رقعة الفقر جغرافيا في البلاد، التي تعاني أوضاعا اقتصادية صعبة بسبب سياسات أصحاب العمائم في طهران - امتلاك نحو 250 ألفا من الإيرانيين ثروة تبلغ مليون دولار، وهو ما يعادل 30 مليار تومان حسب سعر العملة الإيرانية في يناير 2022، وبذلك فإن إيران تحتل المرتبة الـ14 ضمن قائمة دول العالم من حيث عدد الأشخاص الذين يمتلكون ثروة بأكثر من مليون دولار، ما يجعلها في المرتبة الأولى بين دول منطقة غرب آسيا، وسبق لها أن احتلت سابقا المرتبة الأولى بين دول الشرق الأوسط والمرتبة الـ17 عالميا في قائمة الأثرياء بنحو 210 آلاف شخص.
ووفقا لتقرير المجلة، فإن عدد الأثرياء "الأشخاص الذين تبلغ ثروتهم مليون دولار" في إيران تنامى خلال 2020 بنسبة 21.6 في المائة مقارنة بـ2019 وهو رقم كبير جدا، إذا قورن بنسبة ارتفاع الأثرياء السنوية في العام نفسه، التي استقرت عند 6.3 في المائة، ويعني ذلك أن نسبة نمو عدد الأثرياء في إيران بلغت 3.5 ضعف النسبة العالمية، فيما يعاني الشعب الإيراني الفقر والجوع بسبب هذه الطبقة الجاثمة على صدره، التي ترسل أموال الشعب هنا وهناك للتدخل في شؤون دول الجوار.
تغولت هذه الفئة على الدولة ومؤسساتها وجعلتها خادمة لأهدافها وطموحاتها، بعيدا عن حسابات الحرية والكرامة للمواطن العادي، الذي انتفض مرارا وتكرارا على هذه المنظومة الفاسدة، لكبح جماح مطامعها، التي جلبت الكراهية والبؤس إلى الشعب الإيراني من قبل شعوب العالم كافة، حيث إن هذه الفئة المنحلة تحكم الشعب الإيراني بالنار والحديد باسم تعاليم الثورة، التي حولت حياة الشعب الإيراني إلى جحيم مستمر طوال أكثر من أربعة عقود، وعلى الرغم من كل هذه الامتيازات، التي تحظى بها هذه الفئة، فهي لا تدفع الضرائب، ولا تلتزم بأي التزامات مالية تجاه مؤسسات الدولة.
تنامت خلال الأعوام الأخيرة القطيعة الاقتصادية بين الطبقات الاجتماعية في إيران، وهو ما يمكن رؤيته بالعين المجردة من دون الاستناد إلى أبحاث، وفي حين أصبحت طبقة فاحشي الثراء الإيرانية الأكبر في منطقة غرب آسيا، لم يعد بوسع عديد من الفقراء في إيران شراء الأرز، الذي يعد الطبق الأكثر شعبية في إيران، بعد أن أصبح سعره يتجاوز مائة ألف تومان للكيلو الواحد، ما يعني أن الحد الأدنى للأجور في إيران "نحو 3.5 مليون تومان" يغطي قيمة 35 كيلو من الأرز الإيراني فقط. وتوضح الأرقام أن طبقة الأثرياء في إيران تدفع ضرائب أقل بكثير مما يدفعه الأثرياء في دول أخرى، ما جعل إيران أشبه ما تكون ملاذا للأثرياء، حيث يمكنك فيها أن تحصل على إيرادات خيالية من دون أن تضطر إلى دفع الضرائب.
كما تبذل تلك الفئات المسرطنة والمنتشرة في جسد الدولة الإيرانية في جميع فروع النظام السياسي والبيروقراطي في إيران جهدا كبيرا وتمارس ضغوطات على المؤسسات الرسمية، بهدف توفير قدر أكبر من المصالح لمنتسبيها حتى لو كان ذلك على حساب مؤسسات الدولة والشعب الإيراني، فهي تعمل وفقا لمصالحها فقط، فإذا اقتضت مصالح هذه الكتل المتنفذة استيراد نوع خاص من البضائع، فإنها تمارس ضغوطا واسعة على البرلمان والحكومة والمؤسسات الرسمية الأخرى من أجل مواصلة استيراد تلك البضائع، حتى إذا كان استيرادها مضرا بالاقتصاد المحلي، أما إذا كانت مصالحهم تقتضي صادراتها فإنهم يمارسون ضغوطا على الحكومة والبرلمان لاستمرار صادراتها، وهم في ذلك لا يستندون إلى المصالح الوطنية، إنما يرجحون مصالهم الفردية.
يبلغ الحد الأدنى من ثروة الطبقة الثرية 13 ضعف برنامج استثماري حكومي أطلقته حكومة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لتدوير العجلة الاقتصادية ودعم الاستثمار الصناعي، إذ يعد الأكبر في تاريخ الاقتصاد الإيراني بنحو 19 مليار دولار "نحو 500 ألف مليار تومان وفق سعر الدولار في الأسواق الإيرانية"، لدعم 49 مشروعا صناعيا، وهو برنامج مولته أكبر الشركات الإيرانية، فيما تتحدث الأصوات المعارضة في الداخل والخارج بأن الحكومة هي حكومة صورية، وأن هنالك حكومة خفية خلف جدران الدولة الرسمية تمارس الضغط على هذه الدولة، وتنفذ أجنداتها دون رقيب أو حسيب.
وسبق أن كتبت السفارة الأمريكية لدى العراق على صفحتها الرسمية في موقع فيسبوك 2019 "يستشري الفساد في جميع مفاصل النظام الإيراني، بدءا من القمة، فممتلكات مرشد النظام علي خامنئي وحده تقدر بـ200 مليار دولار، بينما يرزح كثير من أبناء الشعب تحت وطأة الفقر بسبب الوضع الاقتصادي المزري، الذي وصلت إليه إيران بعد 40 عاما من حكم الملالي".
من ناحيتها، قدرت دراسة - أجرتها مؤسسة "بورجن" العالمية المعنية بمكافحة الفقر - ثروة المرشد بنحو 95 مليار دولار، وأيا كانت الأرقام، إلا أن المرشد يحرص على إظهار نفسه بصورة الشخص الزاهد والبسيط، الذي يعيش حياة متواضعة تخفي حقيقة ثروته الهائلة.
كما سبق أن سلط تحقيق آخر أجرته وكالة "رويترز"، الضوء على أنشطة متشعبة لمؤسسة عملاقة يسيطر عليها المرشد الأعلى، تعرف باسم "هيئة تنفيذ أوامر الإمام" أو اختصارا "ستاد"، وهي هيئة لمصادرة العقارات والأراضي دون وجه حق، تضع تحت تصرفه الشخصي ما يقترب من مائة مليار دولار بين ثروة في حسابات سرية وأصول، غير خاضعة للرقابة تقريبا.
وأنشئت "ستاد" 1989 قبيل وفاة روح الله الخميني المرشد الأعلى السابق، وفي عهد خامنئي استولت الهيئة على آلاف العقارات والأفدنة، التي تخص مواطنين إيرانيين من أقليات دينية، تنكيلا بهم، أو من يعيشون في الخارج، بحجة أنها "مهجورة"، من خلال ادعاءات كاذبة في معظم الأحيان.

الأكثر قراءة