إصلاحات اقتصادية أسرع.. تنمية مُستدامة أكفأ!!
لم تكن الدراسات والتحليلات الاقتصادية بعيدة عن دور التنمية الاقتصادية في دفع عجلة النمو الاقتصادي في البلدان النامية بعامة. فأهداف التنمية الاقتصادية في الاقتصادات النفطية لا تختلف بأي حال من الأحوال عن مثيلاتها في البلدان المتقدمة، معدلات نمو حقيقية في الدخل الوطني وإعادة توزيعه من أجل محاربة الفقر وخلق فرص عمل للمواطنين، العمل على استثمار العائدات الهائلة للنفط من أجل خلق قاعدة إنتاجية متنوعة تضمن استمرار رفاهية المواطن والتخفيف من تقلباتها المُستقبلية. وضمن المنطق الاقتصادي أيضاً، فإن الإصلاحات الاقتصادية تعد الركيزة الأساسية لأي خطوة مستقبلية من أجل تحقيق الأهداف التنموية المرسومة، فقد تبنت المملكة التخطيط الاقتصادي منهجاً كونها دولة نامية وفي طور استكمال بنيتها التحتية مع غياب شبه تام للأسواق المُنظمة، حيث إن أسواق السلع وعناصر الإنتاج غير مكتملةٍ، إضافة إلى بداية تشكُل الأسواق المالية المُتطورة، مع الرغبة والحاجة الماسة لتحول مؤسسي سريع متوازن الخُطى ينقل المملكة من دولة نامية إلى دولة ومجتمع حديث. لعله لا يخفى علينا كذلك، أن التخطيط يعمل على توزيع الموارد المُتاحة من خلال قنوات أكثر إنتاجية وبطريقة كفؤة وفعالة وبما يضمن التوزيع العادل لهذه الموارد وتوجيهها الوجهة الاستثمارية الصحيحة. هناك الكثير من العوائق التي قد تحول دون تحقيق الطموحات الاقتصادية منها: محدودية حجم السوق، العوائق الاجتماعية من عادات وتقاليد عادة تحد من زخم التنمية والتي بدأت في التلاشي بسبب ارتفاع الوعي الديني والثقافي، إضافة إلى العوائق الدولية التي نتجت من الاعتماد على مصدر ناضب للدخل الوطني ما سبب ضعف التنوع في القاعدة الإنتاجية. لحسن الحظ ليست هذه العوائق بمانعةٍ وطننا الغالي من التغلب عليها والانطلاق نحو آفاق اقتصادية أكثر رحابة، فمتوسط دخل الفرد ارتفع من 5083 ريالا عام 1971 إلى 24003 ريالات عام 1988، ومن بعد إلى 50022 ريالا عام2005 . (متوسط دخل الفرد يعتبر من المؤشرات الاقتصادية المهمة التي تعكس قوة الاقتصاد الوطني، ويُعتبر من المعدلات العالية إذا ما قُورن بغيره من البلدان المتقدمة)، كذلك الاستقرار السياسي، فمن المعلوم أن المملكة ولله الحمد تتمتع باستقرار سياسي قلما نجد نظيره في البلدان الأخرى، وقد انعكس إيجاباً على ارتفاع وتيرة أداء الاقتصاد الوطني وانتعاشه وتطوره بخطى ثابتة والذي أدهش الساسة والاقتصاديين في كثير من المجتمعات المتقدمة. إن الاستقرار السياسي يعد شرطا ضروريا لتدفق الاستثمارات المُنتجة سواء كانت محلية أم خارجية، ناهيك عن تحسن العوائق التنظيمية والمالية. أما بالنسبة لتنمية الموارد البشرية فقد أولتها الدولة عناية خاصة، ففي خطة التنمية الأولى خصصت الدولة 3,5 مليار ريال للإنفاق على التنمية الاجتماعية والصحية لتقفز إلى 276,9 مليار ريال في الخطة السابعة، ما نتج عنه انخفاض حاد في مستوى الأمية وارتفاع في الخدمات الصحية بالمقارنة بغيرها من البلدان الأكثر تطوراً. إن طرق توسيع الإصلاحات الاقتصادية والتنظيمية كثيرة، فعلى سبيل المثال، إنشاء المدن الصناعية بهدف رفع حصة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي، حيث إن وجود المدن الصناعية سيُساعد على زيادة التجمعات السكانية الحضرية بسبب زيادة مستوى الدخل، وكذلك تحقيق وفورات الحجم الكبير في القطاع الصناعي، حيث يرتفع الإنتاج لكل وحدة من وحدات عناصر الإنتاج كلما كبر حجم المشروعات، إضافة إلى أن تنوع المشاريع في المكان الواحد سيؤدي إلى تبادل التسهيلات المشتركة بين المشاريع المختلفة مثل الكهرباء، النقل، الأسواق.. إلخ. وضع الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومحاربة الفساد موضع التنفيذ، فقد انطلقت هذه الاستراتيجية من أن ديننا عقيدة وشريعة هو الركيزة الأساسية لمحاربة هذه الظاهرة، كون الفساد خطرا يهدد المجتمع ويعوق تطوره. وكانت أهداف هذه الاستراتيجية هي حماية النزاهة ومكافحة الفساد، وذلك بتحصين المجتمع السعودي بالقيم الدينية والأخلاقية والثقافية والتربوية وتوجيه المواطن للتحلي بالسلوك السليم، وكذلك توفير المناخ الصحي الملائم لنجاح خطط التنمية في جو من الحرية والعدالة والمساواة والتوزيع العادل للموارد الاقتصادية بين مختلف المناطق وذلك بتحسين أوضاع المواطنين الأسرية والمعيشية من خلال إيجاد فرص عمل لكل المواطنين وتحسين مستوى دخولهم. انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية وقبولها بالاتفاقات الموجودة بها مثل حقوق الملكية الفكرية لإيمانها بالمكاسب التي تعود عليها من المُشاركة في مثل هذه المحافل الدولية. كذلك من الخطوات الرائدة التي قامت بها المملكة إنشاء الهيئة العليا للسياحة، والهيئة العامة للاستثمار التي قامت بتسهيل الإجراءات أمام المستثمرين من الداخل والخارج وذلك بتعريفهم بالفرص الاستثمارية المتاحة وكذلك المعلومات وتذليل الصعاب أمامهم. إن ربط مفهوم الإصلاح الاقتصادي بالتنمية مبرر على كافة الصُعد، خاصة إذا أدركنا أن السرعة والمرونة المالية والإدارية والتنظيمية ضرورة قُصوى للاستفادة من الوفرة المالية لإنجاز الأهداف الموضوعة بأعلى كفاءة ممكنة.