لإزالة الندبات القبيحة من وجه الرياض!
بعد أن تحولت بعض الأحياء القديمة والعشوائية في الرياض إلى بؤر تهدد الأمن الاجتماعي والبيئي والاقتصادي وتحتضن خلف جدران بيوتها المتهالكة عشرات الآلاف من العمالة السائبة بشكل باتت تبدو معه كندبات قبيحة تشوه وجه العاصمة.. أصبح من الضروري البحث عن حلول جذرية لوضعها القائم حالياً.. فنحن نشاهد بين فترة وأخرى نتائج الحملات الأمنية التي تنفذها شرطة العاصمة في هذه الأحياء لتكشف من خلالها ما لا يتوقعه أكثر السعوديين تشاؤماً من أوكار للدعارة وبيوت جُهزت للعب القمار, وتصنيع الخمور وغير ذلك.
ولا أخفيكم أنني أحد الذين يؤمنون تماماً بأن الحل الجذري لهذه المعضلة يتمثل في الهدم وإعادة التخطيط بشكل يتناسب مع النمو السكاني والعمراني, مع العمل على الاستفادة القصوى من هذه العملية.
وكنت قد اقترحت أمس الأول أثناء إجابتي عن سؤال حول هذه القضية وجهه لي المذيع السعودي علي العلياني في برنامج "ياهلا" على قناة روتانا خليجية أن تُؤسس شركة وطنية للاستثمار العقاري تعود ملكيتها إلى صندوق التنمية العقاري وصندوق الاستثمارات العامة ومؤسسة التقاعد والتأمينات الاجتماعية ومجموعة من الشركات الاستثمارية الوطنية مع إمكانية طرح حصة من أسهمها للاكتتاب العام.. بهدف نزع ملكيات عقارات هذه الأحياء وإعادة تخطيطها والعمل على إنشاء وحدات سكنية نموذجية فيها توزع على المواطنين بطريقة التأجير المنتهي بالتمليك بحيث تحصل الشركة على أرباح معقولة منها وتحل أزمة الإسكان التي جعلت أسعار إيجارات الوحدات السكنية في الرياض تقفز إلى أرقام مبالغ فيها جداً خلال السنوات القليلة الماضية.
من جانب آخر تعمل هذه الشركة على إنشاء وحدات سكنية صغيرة منخفضة التكلفة في ضواحي العاصمة وتستثمرها من خلال تخصيصها للعمالة النظامية ذات الأجور المتدنية على أن تُلزم الشركات والمؤسسات التي تستقدم هذه العمالة بإسكانها فيها.
قد تبدو هذه الفكرة حالمة للوهلة الأولى لكن إن تمت دراستها بطريقة جيدة فأنا متأكد من أننا سنجني الكثير من خلفها, فهي إضافة إلى كونها ستسهم بشكل جيد في حل أزمة السكن التي يعانيها الكثير من ذوي الدخل المحدود, ستعالج بشكل فعلي مشكلة الأحياء العشوائية والقديمة, ويمكنها أن تسهم في استثمار "النقل العام" أيضاً بالشكل الأمثل إن تم اعتماده لنقل العمالة من الضواحي وإليها.. هذا إضافة إلى أن عملية السيطرة الأمنية على الضواحي المخصصة للعمالة ستكون أسهل بكثير من السيطرة على الأحياء العشوائية بوضعها الحالي ويمكننا الاستفادة في هذا الجانب من تجربة مشروع الأمير سلمان للإسكان الخيري أو من تجارب دول مجاورة خصصت منذ سنوات طويلة مناطق لسكن العمالة الأجنبية على أطراف مدنها.
ختاماً .. يجب أن أشير إلى أنني أهدف من طرح هذا الاقتراح إلى فتح باب النقاش وتبادل الأفكار حوله, للخروج في آخر المطاف برؤى واضحة قد تسهم في حل المشكلة إن اقتنعت بها الجهات المسؤولة.