لماذا يحتاج العالم لميثاق مالي جديد؟

تعلمنا من التاريخ الاقتصادي أن تأتي الحروب على خلفية أزمات مالية بالدرجة الأولى ثم تؤدي بطرق تراكمية إلى نشوء حروب عالمية فالحرب العالمية الأولى والثانية وحرب روسيا وأوكرانيا كلها كانت مثقلة بانقسامات عالمية شديدة تؤدي في نهاية المطاف إلى حروب كونية تدمر مكاسب البشرية التي تكون خلال مئات العقود من الإنتاج البشري التي تؤدي إلى الفقر والجهل وتفاوت الشعوب في مستويات المعيشة وكذلك تعثر الديون وتلاشي الثروات أو تدميرها، إضافة إلى التضخم الذي يدمر مصادر الدخل للأمم ومن أخطر المؤشرات بعد التضخم هو تلاعب الدول بأسعار الصرف بسبب التضخم العالمي ما زلنا بعيدين عن ذلك، أي حرب العملات العالمية رغم وجود دلالات لكنها لا تزال ضعيفة مثل حمائية تجارية بين الدول شديدة مع ركود تضخمي شامل.
النظام الاقتصادي الحالي يعاني عللا هيكلية بسبب انفصال الإنتاج الحقيقي عن الربح العادل ويعزى ذلك إلى نمو الاقتصاد المالي بمعدلات أكبر من الاقتصادي الحقيقي الإنتاجي أي: إن الإنتاج ينخفض والمعروض النقدي يتزايد وتلعب أسعار الفائدة والعقود المالية المشتقة دورا حيويا في الأزمات، لا سيما أن معدل دوران الأزمات المالية أصبح متقاربا فلا ينتهي من أزمة حتى يدخل في أخرى لا سيما خلال العقود الأربعة الماضية وهو ما يفسر شدة الأزمات الاقتصادية.
العلاج الاقتصادي الهيكلي الناجع وقد ذكرته في عدد من المقالات من الناحية النظرية يتعين على صناع السياسات الاقتصادية الأكثر قدرة على توظيف الابتكارات المالية تصميم تمويل متعدد المستويات، ومن بينها العلاقة المباشرة بين المدخرين والمستثمرين دون الارتباط بالائتمان القائم على الفائدة عبر تشجيع وتحفيز نشوء علاقة إنتاجية بين المدخرين والمستثمرين، أي: إننا بهذا النموذج جعلنا علاقة مباشرة بين المدخرين والمستثمرين على أساس الإنتاجية وتحقيق الأرباح، وألفت النظر إلى أنه لا يمكن فعل ذلك كليا لكن يمكننا تحديد حصة لا تقل عن 45 في المائة من إجمالي الكتلة النقدية العامة في أي اقتصاد، وإضافة إلى كل ما سبق، هناك اختلال في العلاقة العكسية بين التضخم والبطالة أو ما يعرف بمنحنى "فيليبس" لم نعد كاقتصاديين متأكدين من قدرته على العمل، بسبب انفصال التضخم عن البطالة، لا سيما مع وجود تضخم مصحوب بركود وكذلك كثير من النظريات الاقتصادية تحتاج إلى نظريات ودوال جديدة لأداة الاقتصاد.
أخيرا: تعد مشاركة السعودية في قمة "من أجل ميثاق مالي عالمي جديد" في باريس أمرا مهما وحيويا حيث توضح دور المملكة الريادي في المشهد الدولي وتعزيز الاستقرار للاقتصاد العالمي حيث تمتلك المملكة أكبر اقتصاد مؤثر في النمو العالمي بسبب الطاقة وهذا يجعلها لاعبا مهما في سوق الطاقة العالمية الذي يدعم جميع الاقتصادات التي تريد النمو بلا استثناء وفي الوقت نفسه على المستوى السياسي تعد المملكة وسيطا موثوقا به بين القوى المتصارعة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي