ما يستفاد من القصة
دروس إعلامية واتصالية قدمتها وتقدمها قصة غياب الطالب أو الطالبة 20 يوما فأكثر، والقصة أن وزارة التعليم أصدرت إجراءات تخص غياب الطلاب دون عذر بدءا من ثلاثة أيام حتى 20 يوما، وكان هناك تدرج في الإجراءات بين المدرسة وإدارة التعليم والرعاية الأسرية وصولا إلى الرفع للنيابة التي تحيل إلى المحكمة الجزائية.
الوزارة استندت إلى المادة 23 من نظام حماية الطفل، وهذه المادة المهمة تنص في جزء منها على تولي المحكمة المختصة مخالفات النظام وتقرر العقوبة المناسبة.
إذا لم يذكر أحد السجن، افترضته بعض وسائل الإعلام وتم تداوله على نطاق واسع فصدقنا وكتبنا وتندرنا لسبب بسيط هو أن الوزارتين "التعليم والموارد البشرية والتنمية الاجتماعية" لم تنفيا شيئا فور تداول عقوبة السجن.
لاحقا وبعد عدة أيام، نفى المتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية: "ما يتم تداوله بشأن سجن ولي أمر الطالب الذي تتجاوز نسبة غيابه 20 في المائة من العام الدراسي".
والملاحظة هنا أن نفيه تضمن 20 في المائة من العام الدراسي، وقرار التعليم يتحدث عن 20 يوما دون ذكر نسبة، فأيهما الصحيح؟
يبدو أن دورة الموافقات على نشر بيان أو مادة إعلامية رسمية بطيئة أو لديها دورة طويلة من الموافقات بين أصحاب صلاحية كثر، أو هي مركزية لدى مسؤول على عاتقه كثير من المسؤوليات وتأخرت موافقته على النفي، وهذه افتراضات استنتجتها من هذا التأخير، قد لا تكون صحيحة.
كنت أتمنى أن تستغل الوزارتان الفرصة لتسليط مزيد من الضوء على نظام حماية الطفل، فالفرصة الاتصالية سانحة بتركز اهتمام الرأي العام على القصة، كما أتمنى اليوم أن تقول وزارة العدل شيئا حول العقوبات المناسبة إذا كانت هناك سابقة قضائية من إهمال ولي الأمر الجسيم بحقوق الطفل.
النقاط المضيئة في القصة كثيرة، فالعقوبة المناسبة ليست بالضرورة السجن، قد تكون أكثر فاعلية وعملية، خاصة أنها تهدف إلى المحافظة على الأسرة، والإضاءة الأهم هي زيادة الانتباه كما يقولون في التسويق، إلى "حقوق الطفل"، وإلى أن هذه الدولة عملت وتعمل على حماية الطفل، والمحافظة على حقوق الإنسان، وتعمل بكل جدية، وسنت وتسن أنظمة يحتاج الرأي العام إلى معرفة مزيد عنها، لأنها مصدر فخر وطمأنينة.
بقي أن وزارة التعليم أضاعت فرصة ذهبية لتقديم الجزرة مقابل العصا التي لوحت بها في ملف الغياب الذي كبر حجمه مع استطالة العام الدراسي إلى ثلاثة فصول.