هل تعرف دولة بهذا النفوذ؟
في مقال الإثنين الماضي "كوكب الشركات" تحدثت عن سطوة الشركات العالمية ونفوذها القوي في مجال السياسة والاقتصاد وجميع القطاعات المؤثرة في حياة الشعوب والأفراد. ضربت مثلا بشركات عملاقة تفوق قيمتها السوقية الناتج المحلي لدول بوزن المكسيك وروسيا وإندونيسيا. كما تحدثت عن أساليبها في التأثير في الانتخابات والأحزاب والقرارات السياسية في الدول الغربية. وضربت أمثلة بشركات محدودة وقليلة العدد "لكنها عابرة للقارات" تتحكم في قطاعات الغذاء والدواء وبيانات المستخدمين. لكن، رغم كل هذه الأرقام والأمثلة والنماذج صعب على البعض هضم فكرة تفوق الشركات على الدول، وقدرة أي شركة "مهما بلغ حجمها" على التأثير في مقدرات الشعوب مهما بلغ نفوذها. لكن الحقيقة هي أن كثيرا من الشركات العملاقة "متعددة الجنسيات" تملك نفوذا وتأثيرا في معظم الحكومات. تفعل ذلك بطريقة غير مباشرة، إما من خلال النظام الانتخابي في الدول الديمقراطية، أو من خلال تبادل المصالح ومشاركة المسؤولين والمتنفذين في بقية الدول. لن أكرر ما قلته في آخر مقال، لكنني سأضيف إليه مجموعة جديدة من الحقائق التي تؤكده. فعلى سبيل المثال:
* ميزانية أكبر عشر شركات عالمية تتجاوز حاليا ميزانية أصغر 100 دولة في الأمم المتحدة.
* أكبر 500 شركة عالمية تشكل حاليا 44 في المائة من ثروات الأمم التي تمتلكها.
* أكبر 100 تكتل اقتصادي في العالم ينحصر في 50 شركة تأتي من 50 دولة فقط.
* أكبر خمس شركات عالمية في قطاعات الطيران والاتصالات والصلب والفحم مسؤولة عما يقارب نصف الخدمات في تلك القطاعات.
* أربع شركات فقط تسيطر على 90 في المائة من إنتاج القمح والسكر والبن والشاي حول العالم.
* أما دخل شركات النفط "شل وإكسون وأرامكو" فلا يفوق فقط دخل مجموع البشر، بل تملك حقوق التنقيب في أراض تفوق مساحة روسيا "أكبر دولة في العالم".
* كما تسيطر "جوجل" على بيانات البحث، و"مايكروسوفت" على برامج التشغيل، و"أمازون" على قطاع التجزئة، تسيطر الشركات الأمريكية على 70 في المائة من صناعة الأفلام و35 في المائة من صناعة الموسيقى و30 في المائة من وسائل النشر، و85 في المائة من الأخبار التي تسمعها يوميا.
* الحقيقة هي أن مبيعات شركات التقنية الأمريكية في وادي السيليكون تفوق ميزانية باكستان وبنجلادش وتنزانيا وكينيا وأوغندا والنيجر وإثيوبيا ونيبال وزائير مجتمعة.
* في حين يملك 1 في المائة من أغنى أغنياء أمريكا 90 في المائة من ثروة البلاد، تفوق ثروة إيلون ماسك وحدها الدخل الشهري لجميع مواطني الدول السابقة. والآن اسأل نفسك: هل تعرف دولة أو حكومة تتفوق على تلك الشركات في أي من العناصر السابقة؟