«إكسبو» .. الرياض اختيار العالم
عاشت بلادنا، الثلاثاء الماضي، حالة احتفاء وطنية إثر إعلان نتيجة التصويت على اختيار المدينة المستضيفة لمعرض إكسبو 2030، التي حقق فيها ملف الرياض أسبقية تاريخية بحسم المنافسة مع دولتين مهمتين سياسيا واقتصاديا، ومن الجولة الأولى، بأغلبية ساحقة، أثبتت مكانة المملكة وعلاقاتها مع كل دول العالم، ومقدار الاحترام والموثوقية التي تحظى بها، وهو ما جعل الرياض فعليا "اختيار العالم"، وكذلك احترام المملكة لكل الدول دون تمييز بين صغيرها أو كبيرها، قريبها وبعيدها، حيث أظهرت التقارير أن الوزراء السعوديين والوفود الرسمية زارت خلال العامين الماضيين أكثر من 100 دولة "لو جمعنا مقدار الأميال التي قطعتها الوفود لبلغنا خانة الملايين من الأميال" لشرح ملف إكسبو، وكان موضوع إكسبو حاضرا في القمم التي باتت بلادنا قبلة لها من العربية إلى الاسلامية، ومن الإفريقية إلى الكاريبية والآسيان وغيرها من القمم والزيارات الرسمية المفردة التي صار ملف إكسبو حاضرا في أجنداتها، بما يؤكد أن هذا الملف كان له قائد واحد هو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، الذي يشهد له أنه بهذا الإنجاز أسس منهجية للعمل التكاملي بين جميع مؤسسات الدولة، والتركيز على الأهداف، واحترام الجميع والإبداع في كل عمل وإتقانه، وذلك ما ذكره الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية في المؤتمر الصحافي الرسمي الذي أعقب إعلان نتيجة فوز الرياض، حيث قال: "ولي العهد قال لنا شاركوا مع الشركاء واستمعوا إليهم وافهموا توقعاتهم لتنظيم إكسبو، وبناء على ذلك بدأنا العمل بطريقة فعالة حتى وصلنا لكسب ثقتهم وكسبنا تنظيم المعرض"، وأضاف: "الفوز بثلثي الأصوات في الجولة الأولى دليل على مكانة المملكة وثقة المجتمع الدولي بها".
جانب آخر يلفت النظر في هذا الانتصار الوطني "الذي بات يتكرر في أكثر من مجال، ولله الحمد" هو احترافية المواطن السعودي في إدارة كل الملفات والعمل في كل تفاصيلها مهما كانت تعقيداتها أو اختصاصها، فالملف الفني الذي أشرفت عليه الهيئة الملكية لمدينة الرياض حقق إتقانا شهد به العالم، وسمعنا إشادات مندوبي الدول به في التغطية الإعلامية الكبيرة التي حظيت بها مناسبة التصويت على اختيار الملف الفائز باستضافة معرض إكسبو، وكذلك العمل المميز الذي قام به الشباب السعودي من الجنسين في جميع المؤسسات الحكومية التي عملت بتكامل نموذجي بينها لنصل إلى هذه النتيجة التي احتفلنا بها جميعا ساعة إعلان الانتصار.
أخيرا، لماذا الاهتمام بـ "إكسبو" والفرح الرسمي والشعبي الذي شهدناه؟ وما الفوائد التي ستجنيها بلادنا من هذا المعرض؟ لعل الإجابة الأبسط عن هذا التساؤل، أن ننظر إلى مستهدفات الرياض إكسبو المعلن عنها التي توقعت زيارة 40 مليون زائر للمعرض خلال مدة إقامته الممتدة ستة أشهر من أكتوبر 2030 حتي مارس 2031، وما يحمله هذا العدد من الزوار من فرص عمل دائمة ومؤقتة، ومجالات للاستثمارات والخدمات المتوسطة والصغيرة، بل متناهية الصغر لخدمة الزوار وقبلها وبعدها لخدمة الأجنحة التي سيحتضنها موقع إكسبو، الذي سيكون نقطة جذب وتنمية أثناء المعرض وبعده، إلى جانب الآثار الثقافية والعلمية والتنموية التي ستنتج عن استضافة المعرض والاطلاع على مشاركات العالم واحتضان العالم في الرياض ستة أشهر، وفوق ذلك كله المكاسب المعرفية والترويجية المرتبطة بالدبلوماسية الناعمة التي ستنتج عن أكثر من مليار زيارة افتراضية لمعرض الرياض إكسبو، والتغطيات الإعلامية التي ستصاحبه، في عام ننتظره للاحتفاء بتحقيق رؤية السعودية 2030.