السعودية في 2023 .. إنجازات لا تتوقف
نجحت المملكة العربية السعودية في دخول قائمة الدول التي عظمت مغانمها في عام 2023، فحصاد المملكة خلال العام الماضي كان وافرا، في مختلف الأصعدة وعلى كافة الجبهات، حيث استطاعت الرياض السباحة ضد التيار العالمي، بتحقيق منجزات ومكاسب في عديد من الميادين والمجالات، خولتها أحيانا نحت اسمها بأحرف الفخر والاعتزاز في سجل التاريخ.
في غمرة الصراع العالمي ضد الأزمات والكوارث، بعدما أصبح هدف الحكومات منصبا على التخفيف من وطأتها فقط، أما تلافيها فبات شبه مستحيل. تمكنت السعودية من الانفلات، بفضل تناغم رؤية القيادة مع الإرادة الشعبية، فبدأت الإنجازات تتوالى في السياسة كما في الاقتصاد، والثقافة والرياضة والسياحة... فالبلد عاش طوال 365 يوما في صبحها وعشيها، نهضة متوقدة نحو مجد جديد.
لا يكاد الشهر بل الأسبوع يمر طوال عام 2023، دون أن تفرض السعودية نفسها بحدث أو واقعة أو خطوة أو قرار، يجعلها تستأثر بالاهتمام والمتابعة العالميين، فقد أضحت وجهة عالمية، تستقطب الرأي العام العالمي، على غرار العواصم الكبرى التقليدية، مثل: واشنطن وبكين وموسكو ولندن وباريس... ومقصد كثيرين بحثا عن الدعم والمساعدة، وحتى هربا من ابتزاز ومزايدات القوى التقليدية.
عام الدبلوماسية السعودية بامتياز
شهدت المملكة العربية السعودية حراكا دبلوماسيا متدفقا، على مدار العام، نجحت بواسطته الرياض في معادلة الوزن الاقتصادي للمملكة بما يناسبه سياسيا ودبلوماسيا، بعدما أدركت أن الوقوف إلى جانب الدول الكبرى، يفرض الاتكاء على جناحين؛ الجناح الاقتصادي والجناح الدبلوماسي.
أصبحت المملكة بذلك محطة ثابتة لا بد من المرور عبرها، متى استحدث طارئ أو تفجرت أزمة إقليمية أو دولية.
ضربت الرياض المثل بنفسها، بعدما فاجأت الجميع -وعلى حين غرة- باتفاق مصالحة يعيد العلاقات الدبلوماسية بينها وبين طهران. لتتوالى بذلك مساعي الدبلوماسية السعودية بأسلوبها الناعم بحثا عن فرص السلام والاستقرار بمختلف أصقاع العالم. فشهدت مدينة جدة، مطلع الصيف، محادثات سلام عن الأزمة الأوكرانية، بحضور ممثلين عن 30 دولة. وفي الرياض قمة عربية إسلامية استثنائية، بمشاركة 57 دولة، للمناقشة والتداول بشأن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
نشاط الدبلوماسية السعودية تمثل في قائمة القمم الثنائية والمشتركة التي نظمت في البلد، دون أدنى اهتمام بحجم الدولة أو أهمية التكتل، ما يؤكد صدق الخطاب الدبلوماسي السعودي، فاحتضان المملكة قمما عديدة: مثل "القمة السعودية الإفريقية" و"قمة السعودية ودول الكاريبي" و"القمة السعودية الروسية" و"قمة الخليج وآسيان".. بذلك تنقلب السعودية إلى فاعل ومؤثر بدبلوماسيتها في مسرح الأحداث العالمي، بدل الاكتفاء بموقع التفاعل باعتماد سياسة ردود الأفعال.
الاقتصاد وحصاد الأرقام
احتلت المملكة العربية السعودية المرتبة الثالثة عالميا في قائمة الدول الأكثر تنافسية بين دول مجموعة العشرين، فحسب الكتاب السنوي للتنافسية العالمية قفزت سبع درجات عن مركزها برسم عام 2022. كما حققت إنجازا في قطاع السياحة بحصولها على المركز الثاني عالميا في نسبة نمو عدد السياح الوافدين خلال الأشهر السبع الأولى من عام 2023.
وسجلت السعودية نقلة نوعية في منظومة النقل والخدمات اللوجستية العالمية، بصعودها 17 مركزا في المؤشر اللوجستي الصادر عن البنك الدولي. كما نجحت -وبجدارة واستحقاق- في جذب المقار الإقليمية للشركات العالمية، بتخطي 160 مقرا المحددة هدفا، برسم عام 2023، لتصل إلى ما يفوق 180 مقرا.
تمكنت البلاد من كبح جماح معدل التضخم، الذي واصل الانخفاض تدريجيا، منذ بداية العام حتى أكتوبر الماضي، حيث سجل فيه أدنى مستوى منذ ما يقارب العامين، عند 1.6 في المائة، على أساس سنوي.
على صعيد آخر، تواصل الدولة سياسة تتويع الاقتصاد، بتعزيز القطاعات غير النفطية، فعلى أساس منجزات العام الماضي، توقع مجلس الوزراء أن تسهم في رفع نمو الناتج المحلي الإجمالي للمملكة إلى 4.4 في المائة العام المقبل.
إنجازات للوطن والتاريخ
بعيدا عن المؤشرات والأرقام، اقتنصت البلاد منجزات فريدة؛ ففيه اتجهت السعودية نحو الفضاء، بتنظيم أول رحلة سعودية إلى محطة الفضاء الدولية، على متنها رائدا فضاء سعوديان؛ امرأة ورجل. وبذلك تبث الرياض رسالة إلى من يهمه الأمر، مفادها العزم السعودي على تسجيل بصمته على خريطة الدول التي يحدوها طموح خوض غمار السباق نحو الفضاء.
واستطاعت المملكة أن تسرق الأضواء من الدوريات الأوروبية في كرة القدم، بإحداث ثورة في عالم المستديرة بالبلد، بضخ استثمارات كبيرة في اقتصاد الرياضة، أثمرت قطاعا رياضيا مغريا، لدرجة أن تفاصيل مباريات الدوري السعودي عام 2023، أضحت محل اهتمام ومتابعة من لدن جمهور منتشر في عديد من بلدان العالم، وليس في السعودية أو بلدان الخليج فقط.
ويبقى إجماع الاتحادات الكروية العالمية على منح السعودية شرف استضافة بطولة كأس العالم 2034، أهم حدث رياضي سعودي هذا العام. فالنسخة ستكون مميزة واستثنائية بكل المقاييس، لأنها الأولى التي ستشهد مشاركة 48 منتخبا فوق أرض دولة واحدة.
إنجاز تاريخي آخر، حق للسعوديين والسعوديات أن يفخروا به، ألا وهو انتزاع الرياض حق تنظيم معرض إكسبو العالمي عام 2030، من دولتي من طينة إيطاليا وكوريا الجنوبية. ما يؤكد بجلاء أن البلاد سائرة على الدرب، فهذه البواكير من تلك السياسات الرشيدة للقيادة الحكمية للبلاد... وقادم الغلة أوفى عام 2024.