وجهة المستقبل الابتكارية .. للدفاع

في مقالات سابقة تحدثت عن الابتكارات النوعية في صناعة الدفاع والأمن المستقبلية والخطط الاستراتيجية الطموحة التي توليها الدولة -رعاها الله- في ظل قيادتها الرشيدة من خلال الهيئات والمراكز البحثية والخاصة بالابتكار والتطوير الدفاعي، وتحدثت عن دور الفعاليات والمعارض بأنواعها المختلفة ودورها في تحديد وجهة الابتكار بشكل عام، ولعلي في هذا المقال أتحدث عن وجهة الابتكار العسكري في المجال الدفاعي والأمني من خلال الحديث عن الحدث الكبير الذي سيقام في المملكة فبراير 2024.
المعارض والفعاليات بأشكالها وتنوعها تعد وسيلة فاعلة لتعزيز التفاعل والتواصل وتطوير الشراكات بمختلف مستوياتها، وذلك يكون من خلال عرض منتجات وأفكار متطورة ذات جودة نوعية وإبداعية، كما تشكل هذه المعارض واجهة حضارية، خاصة في البلد الذي تنظم فيه، ومن خلالها يتم تعزيز التقدم والابتكار في عدة مجالات، إذ تعد الابتكارات والتقنيات الإبداعية في العلوم والتكنولوجيا فرصا مستقبلية لتحقيق التوازن وتعزيز الإنتاجية، وبفضلها يمكن تعزيز المرونة لمواجهة تحديات متنوعة ومختلفة، وأيضا تحقيق الخدمة الفاعلة للبشرية بشكل كبير في سبيل تحقيق حياة كريمة وجودة عالية.
لا شك أن القطاع الدفاعي يدرك أكثر من أي وقت مضى، أن البحث والتطوير واجب وطني ركيزته الإنسان وأذرعه الابتكار النوعي الإبداعي، وأن التكنولوجيا المتطورة لا تكون فاعلة إلا بقدر فاعلية المواهب والقدرات البشرية المبتكرة التي تقف وراءها، ولذا سيشهد فبراير 2024 تحول الرياض إلى مركز للابتكار الدفاعي العالمي، حيث تستضيف مدينة الرياض معرض الدفاع العالمي، بعد أن تقررت إقامته كل عامين، حيث كانت نسخته الأولى والتي عقدت أيضا في الرياض مارس 2022، برعاية ملكية كريمة، وبتنظيم الهيئة العامة للصناعات العسكرية، ويتم تنظيم مثل هذا الحدث العالمي المتخصص لتجسيد مستهدفات رؤية المملكة 2030 في تحقيق الأسبقية والريادة العالمية، أضف إلى ذلك تصاعد المتطلبات الأمنية بمختلف مستوياتها، ولتعزيز النظام البيئي للابتكار الدفاعي والأمني من خلال توحيد قادة الصناعة والعقول العسكرية وصانعي السياسات في هذا المجال، علاوة على ذلك، لا يتم تسليط الضوء على أحدث التطورات التكنولوجية فحسب، بل أيضا على الفكر البشري الإبداعي الذي يمثل العمود الفقري للابتكار، وإيجاد بيئة خصبة للتواصل مع صناع القرار، ويعد هذا المعرض متكاملا لكونه يتمحور حول مستقبل صناعة الدفاع، حيث سيتم استعراض أحدث التطورات التقنية التي توصل إليها العالم في مختلف القطاعات الدفاعية سواء كانت في القطاعات البرية أو البحرية أو الجوية أو الفضاء أو الأمن، ويتوقع أن يشارك في هذا المعرض العالمي عديد من صناع القرار، وكبار المسؤولين الحكوميين، ونخبة من العاملين في القطاع الدفاعي والأمني وقادة الفكر من جميع مستويات سلاسل الإمداد في الصناعات الدفاعية والعسكرية، وعديد من الشركات التي يسعى اللاعبون الاسترتيجيون فيها إلى إقامة شراكات ومشاريع مشتركة وتبادل للخبرات، وكون هذا التجمع سيوفر أرضا خصبة للدبلوماسية الدفاعية، بمشاركة عديد من الوفود الدولية في عديد من المناقشات التي يمكن أن تعيد تشكيل المشهد ومستقبل السياسات الدفاعية العالمية، حيث يتوقع أن يكون هنالك أكثر من 750 عارضا، وأكثر من 45 دولة مشاركة، ووجود مثل هذا العدد الهائل في مثل هذه المعارض يعد مشجعا ومحفزا قويا للاستثمار ويعزز الثقة لكثير من المستثمرين، علاوة على ذلك، زيادة الفرص الاستثنائية لكثير من التعاونات والاتفاقيات الدولية.
وكون هذا المعرض سيستقطب كبرى الشركات المتخصصة في مختلف قطاعات صناعة الدفاع والأمن، لتقديم واستعراض ما لديها من أفضل المنتجات والابتكارات النوعية، بما يضمن تفعيل التعاون والشراكات بين جميع الأقطاب في مجتمع الدفاع والأمن على المستوى العالمي، وفي إطار الجهود المتضافرة للربط المتكامل بين الأوساط الأكاديمية والصناعة، أرى أن معرض الدفاع العالمي 2024 سيصبح منصة رئيسة تفاعلية فريدة من نوعها، لتنمية المواهب والابتكارات النوعية والإبداعية في عديد من المجالات والتخصصات في عالم الدفاع والصناعات العسكرية والأمنية، مثل تقنيات الطائرة دون طيار، وبروتوكولات الأمن السيبراني، وخوارزميات الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، والأنظمة المستقلة، والتعلم الآلي، والتقنيات الهجينة، والبلوكتشين، وأنظمة المراقبة والاستدامة وغيرها، وسيكون أيضا بمنزلة منصة للجامعات وللهيئات ولمراكز الأبحاث الدفاعية والجهات ذات الاهتمامات الأمنية، لدفع تسويق أبحاثهم واستكشاف المواهب الناشئة المبدعة في هذه المجالات الدفاعية وغيرها والاستفادة منها، وذلك سيثري الحراك العلمي والبحثي ويطور من التنوع الاقتصادي المأمول ويحدد الوجهة الابتكارية في هذا المجال المهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي