إعادة طاقم "ستارلاينر" من الفضاء عبر مركبة "سبايس إكس" يحرج منافستها "بوينج"
بسبب المشكلات مع مركبة "ستارلاينر" الفضائية المصنعة من شركة "بوينج"، سيعود رائدا فضاء إلى الأرض في نهاية المطاف من محطة الفضاء الدولية على متن مركبة مصنعة من شركة "سبايس إكس" المنافسة المملوكة لإيلون ماسك.
بعدما كان مقررا أن تستمر مهمة بوتش ويلمور وسوني وليامز 8 أيام، أعلنت ناسا السبت أنهما سيمضيان 8 أشهر في المحطة، على أن يعودا بعدها إلى الأرض عبر مركبة تابعة لسبايس إكس في فبراير 2025.
يشكل الإعلان ضربة قاسية لبوينج، الشريك التاريخي لوكالة الفضاء الأمريكية. كما يأتي في توقيت سيء للغاية للشركة الأمريكية العملاقة التي يواجه فرع صناعة الطيران التابع لها اضطرابات بسبب أعطال بالجملة في طائراته وحادثتي تحطم في 2018 و2019.
قال الأستاذ المساعد في جامعة إمبري-ريدل للملاحة الجوية إريك سيدهاوس إن هذه المرحلة ليست جيدة لبوينج، واصفا قرار إعادة رائدي الفضاء عبر مركبة تابعة لـ "سبايس إكس بأنه محرج لـ "بوينج".
رأى كاي فون رومور، محلل الطيران في شركة "تي دي كوين"، أن المسألة تطرح مشكلة مرتبطة بسمعة الشركة، وقد تعرض العقود المستقبلية مع ناسا للخطر.
لكن رغم فشل المهمة، فإن مكانة بوينج وحجمها يضمنان قدرتها على النهوض مجددا، بحسب خبراء.
قال الأستاذ في كلية غوغنهايم لهندسة الطيران والفضاء غلين لايتسي إن بوينج لن تنسحب من المشهد في أي وقت قريب رغم الإخفاقات المتلاحقة في "ستارلاينر".
كبد برنامج "ستارلاينر" بوينج تكاليف إضافية قدرها 1,6 مليار دولار، وذلك بسبب التأخير المتكرر في التطوير وزيادة الأسعار في سلسلة التوريد. لكن مقابل هذا المبلغ، تحققت إيرادات قدرها 24,93 مليار دولار لفرع بوينغ للدفاع والفضاء والخدمات (BDS) في 2023، من أصل إيرادات إجمالية حققتها المجموعة بلغت 77,79 مليار.
استعادة الثقة
رغم الاخفاقات، لا مؤشرات الى الآن عن توجه للتخلي عن مركبة بوينج. فوكالة الفضاء الأمريكية طلبت من الشركة عام 2014 تصنيع "ستارلاينر" الفضائية، تزامنا مع طلبها تصنيع مركبة أخرى من شركة سبايس إكس. شددت وكالة الفضاء الأمريكية منذ ذلك الوقت مرارا على هدفها المتمثل في حيازة مركبتين لنقل رواد الفضاء، حتى لا تجد نفسها عاجزة في حالة فشل إحداهما.
يقول إريك سيدهاوس: "إذا كنت شركة وعمد مقاول متعاون معك إلى تجاوز الميزانية وتأخر في التسليم معرضا حياة موظفيك للخطر، فإن معظم الشركات ستستغني عن خدماته، لكن الأمر ليس كذلك مع ناسا".
موضحا أنه نظرا للوقت والاستثمارات التي وظفت في المشروع، فإن إلغاء كل شيء سيكون خيارا أسوأ. بالنسبة لبوينج، فإن الطريقة الوحيدة لاستعادة ثقة الناس هي النجاح في إنجاز مهمة فضائية مجددا، بطاقم آخر.
تعتقد الشركة أيضا أن المشكلتين اللتين واجهتهما "ستارلاينر" - تسرب الهيليوم والعيوب في أنظمة الدفع النفاث - يمكن التغلب عليهما.
يوافق غلين لايتسي على أن المخاوف ليست مفاجئة إلى هذا الحد، لأن المركبة لا تزال في بداية تطويرها، إذ إنها خضعت لثلاثة اختبارات مدارية فقط، اثنان منها دون أي طواقم.
يقدر الخبير أنه فقط بعد نحو 5 مهمات يمكن القول إن كل الأنظمة الفرعية قد خضعت للاختبارات اللازمة. ويضيف: "حتى لو تطلب الأمر بضع رحلات إضافية، لا أعتقد أن ناسا ستتخلى عن مهمات ستارلاينر".
مقارنة محرجة
رغم ذلك، تبقى المقارنة مع "سبايس إكس" قاسية على "بوينج". فقد كان ينظر إلى الشركة المملوكة لإيلون ماسك على نطاق واسع على أنها دخيلة على القطاع في 2014، وكانت قيمة عقدها أقل من ذلك الموقع مع بوينج (2,6 مليار دولار مقارنة بـ 4,2 مليارات). ومع ذلك، تتولى "سبايس إكس" مهمات نقل رواد الفضاء منذ 4 أعوام.
لا شك في أن "سبايس إكس" كانت تمتلك من الأساس ميزة تفاضلية، إذ إن مركبتها الفضائية "دراغون" تتولى إعادة إمداد محطة الفضاء الدولية منذ 2012. لكن "بوينج" تشارك في برنامج الفضاء الأمريكي منذ عقود.
يذكر إريك سيدهاوس بأن المجموعة شاركت في برنامج "أبولو" وقامت ببناء وحدات معينة من محطة الفضاء الدولية، لذلك من المفاجئ أن تكون قد تحولت في مثل هذا الوقت القصير من شركة عالية الأداء إلى شركة ترتكب أخطاء تسلسلية.
رغم أن سببا واحدا لا يمكن أن يفسر كل شيء، يشير الخبير إلى مشكلات في مراقبة الجودة نسبت إلى بوينج على صعيد المركبات الفضائية والطائرات. ويضيف سيدهاوس أن البيروقراطية في "بوينج" هي أكبر مقارنة بـ "سبايس إكس" التي يمكن اتخاذ القرارات فيها بسرعة أكبر.
مع ذلك، لا شيء محسوما بعد: ففي قطاع الفضاء المحفوف بالمخاطر، يمكن للأدوار أن تنقلب جذريا. وتوقع غلين لايتسي أن يأتي وقت تحتاج فيه "سبايس إكس" إلى المساعدة، وستتمكن بوينج عندها من رد الجميل لمنافستها".