النمو المطرد للصادرات غير النفطية .. ثمرة الإصلاحات

قفز إجمالي الصادرات غير النفطية خلال الفترة 2016-2023 بمعدل 20.2% مقارنة بحجمها خلال الفترة 2008-2015، وبلغت على إثره نحو 1.6 تريليون ريال، وأظهر نموها المطرد طوال الفترة استجابة القطاعات الإنتاجية المحلية للإصلاحات الاقتصادية الهيكلية الواسعة، التي شهدها الاقتصاد الوطني تحت مظلة رؤية السعودية 2030، وقد تحقق ذلك النمو على الرغم من التحديات التي شهدها الاقتصاد والتجارة العالميان، وتأثرهما بانعكاسات الجائحة العالمية لكوفيد-19 التي ضربتهما خلال 2020، وجاء نموها القياسي الأفضل مقارنة بنمو الواردات لنفس الفترة بمعدل 11.7% (4.7 تريليون ريال).

وأسهم أيضاً في التخفيف على الاقتصاد الكلي الناتج عن انخفاض الصادرات النفطية لنفس الفترة بمعدل 21.2% (6.1 تريليون ريال)، وهو أيضاً ما دفع إلى ارتفاع مساهمة الصادرات غير النفطية إلى إجمالي الصادرات من 14.4% خلال الفترة 2008-2015 إلى 19.6% للفترة 2016-2023. ولم يكن مقدراً أن تتحسّن قدرة الاقتصاد الوطني على تصدير صناعاته غير النفطية، لولا الإصلاحات الشاملة التي خضع لها ولا يزال تحت مظلة رؤية السعودية 2030، وتحديداً في جزئه الإنتاجي الأهم ممثلاً في القطاع الخاص، الذي تمكّن بدوره من رفع متوسط مساهمته في الاقتصاد الكلي من 61.9% خلال الفترة 2008-2015 إلى أن تجاوزت في المتوسط سقف 65.1% عن الفترة 2016-2023، علماً بأنّها قد ارتفعت إلى 67.4% بنهاية 2023.

ويتوقع أن تستمر في ارتفاعها خلال الأعوام القليلة المقبلة إلى أعلى من مستهدفات رؤية السعودية 2030 أسوةً ببقية مؤشرات الأداء القياسي للاقتصاد الوطني، التي تمكنت من تحقيق كثير من مستهدفاتها النهائية قبل حلول 2030، نتيجة لزيادة ضخ الاستثمارات في الفرص الاقتصادية المحلية، سواءً من الاستثمارات المحلية بقيادة صندوق الاستثمارات أو من خلال زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي في الاقتصاد، وإظهار القطاع الخاص قوة نموه فيما بعد الجائحة العالمية كوفيد-19 طوال ثلاثة أعوام متتالية 2021-2023، وتسجيله متوسط نمو حقيقي خلال تلك الفترة استقر عند أعلى من 6.0%، مدعوماً بتنامي الإنفاق الحكومي الرأسمالي بالدرجة الأولى (نحو 0.5 تريليون ريال خلال 2021-2023)، إضافةً إلى ارتفاع وتيرة الشراكات الاستثمارية الرائدة لصندوق الاستثمارات مع القطاع طوال تلك الفترة.

واستفادة القطاع الخاص قبل كل ذلك من المبادرات والبرامج التنفيذية التي ابتكرتها رؤية السعودية 2030، بهدف رفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة كفاءته الإنتاجية الرامية إلى رفع قدرته التنافسية على المستوى العالمي، وتهيئته لأن يكون المالك الأكبر لزمام النمو الاقتصادي محلياً، والموظّف الأكبر للموارد البشرية المواطنة، وتخفيف الاعتماد على القطاع النفطي على مستوى المساهمة في النمو الحقيقي للاقتصاد الكلي، وأيضاً تخفيف الاعتماد في توليد الوظائف وفرص العمل المجدية على القطاع العام، وهو بحمد الله ما تحقق على ذات المستويين طوال الفترة 2016-2023 ولا يزال يسير في الاتجاه الإيجابي الذي بدأه منذ بدء الإصلاحات الاقتصادية الشاملة.

يُتوقع في ظل زيادة وتيرة الاستثمارات في القطاع الخاص خلال الفترة الراهنة بتريليونات الريالات، وقيام العمل على نطاقٍ واسعٍ جداً من المشاريع في أغلب قطاعات الاقتصاد الوطني، أن يرافق التوسّع القياسي للقطاع الخاص في مختلف نشاطاته الإنتاجية ارتفاع مطرد في حجم الصادرات غير النفطية من جانب، ومن جانبٍ آخر تسارع أكبر على طريق إحلال الواردات بمنتجات وصناعات وطنية، ولا يستبعد أن تأتي الفترة التي سيتجاوز خلالها حجم الصادرات غير النفطية الصادرات النفطية في منظور العقدين المقبلين بمشيئة الله تعالى، ثم بفضل استمرار العمل بالإصلاحات الهيكلية الراهنة، وهو بكل تأكيدٍ أحد المستهدفات المشروعة للاقتصاد الوطني مستقبلاً، ونتيجةً متوقعة لمسيرة النمو المستدام والشامل الذي يشهده الاقتصادي الوطني بحمد الله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي