أمين "المصارف العربية": نواجه 5 تحديات أهمها الاستثمار في التكنولوجيا المالية

أمين "المصارف العربية": نواجه 5 تحديات أهمها الاستثمار في التكنولوجيا المالية
توقعات بخروج رؤوس أموال من أمريكا بحثا عن عوائد أعلى في الأسواق الناشئة.
أمين "المصارف العربية": نواجه 5 تحديات أهمها الاستثمار في التكنولوجيا المالية
الدكتور وسام فتوح

قال الدكتور وسام فتوح أمين عام اتحاد المصارف العربية إن البنوك العربية تواجه 5 تحديات مرتبطة بالمتغيرات الاقتصادية العالمية، بينها ضغوط التكيف مع التكنولوجيا المالية، التي يعد الاستثمار فيها مطلبا مهما نظرا لأنها تمكن البنوك من الوصول إلى شرائح أوسع من المجتمع.

فتوح أكد في حوار مع "الاقتصادية" أن اقتصاديات الدول العربية تواجه صعوبة في توفير التمويل اللازم لسد الفجوة المالية، تقدر بنحو 100 مليار دولار سنويا لتلبية متطلبات تحقيق التنمية المستدامة، مشيراً إلى أن هذا الأمر يتطلب تقديم حلول تمويلية مبتكرة والتزامات مالية أقوى.

وأضاف أن حجم الفجوة المالية يعد رقما كبيرا "جداً " يعادل نحو 3% من حجم الناتج المحلي الإجمالي العربي ما يمثل عائقاً صعباً أمام تحقيق تنمية مستدامة.

أمين عام اتحاد المصارف توقع خروج رؤوس أموال من أمريكا بحثا عن عوائد أعلى في الأسواق الناشئة، بما في ذلك الدول العربية، خاصة الخليجية في حال واصل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي خفض أسعار الفائدة.

.. نص الحوار

*نعلم أن المصارف العربية كغيرها من المصارف تواجه تحديات ما أبرزها في الوقت الراهن؟
بشكل عام، تواجه المصارف العربية حاليا 5 تحديات رئيسة مرتبطة بالمتغيرات الاقتصادية العالمية، والتطورات التكنولوجية، والتنظيمات المحلية والدولية.

وإذا تحدثنا بشيء من التفصيل، فالمصارف العربية تواجه ضغوطاً للتكيف مع التكنولوجيا المالية والتحول الرقمي ما يتطلب استثمارات كبيرة في البنية التحتية التكنولوجية وتطوير المنتجات والخدمات المبتكرة، كما أن هناك حاجة ماسة ومستمرة للامتثال لمتطلبات الجهات الرقابية المحلية والدولية، مثل قوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، التي تتطلب جهوداً كبيرة وموارد مالية وبشرية. إضافة إلى التحدي الثالث المتمثل في المخاطر الجيوسياسية، فالمصارف تعمل في بيئة جيوسياسية معقدة، ما يزيد من المخاطر المرتبطة بالاستثمارات وتوسيع الأعمال.

نأتي الآن للحديث، عن التحدي الرابع المتعلق بالتغيرات الاقتصادية العالمية وتقلبات أسعار النفط، وهو تحدي يؤثر بشكل كبير في اقتصادات الدول العربية، وينعكس أثره في القطاع المصرفي، من حيث معدلات النمو وأداء الأصول.

وأما التحدي الخامس يتمثل في قضايا الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية، حيث تنشأ متطلبات متزايدة على المصارف للالتزام بمعايير الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية والبيئية، بما يتماشى مع التوجهات العالمية نحو الاقتصاد الأخضر.

*مع وجود مثل هذه التحديات نود أن نتعرف على خطة عملكم تجاهها، وهل على ضوء ذلك ترون تغيير للتشريعات تناسب خصوصية المنطقة؟
يؤدي الاتحاد دورا محوريا لمساعدة المصارف العربية في مواجهة هذه التحديات عبر آليات عدة في مقدمتها الاهتمام بالتدريب وبناء وتطوير المهارات من خلال ورش عمل ودورات متخصصة لتعزيز مهارات العاملين في المصارف، خاصة في مجالات التكنولوجيا المالية، وإدارة الأخطار، والامتثال، كما يقوم الاتحاد بتمثيل مصالح المصارف العربية أمام الهيئات والمنظمات المالية الدولية، تحديداً الاجتماعات التي يعقدها الاتحاد سنوياً في واشنطن. والاتحاد يسعى بأن تكون القوانين والتشريعات الدولية مراعية لخصوصيات المنطقة العربية.

كما يحرص الاتحاد على إعداد دراسات وأبحاث حول هذه التحديات وتقديم حلول مستندة إلى تحليل دقيق للبيانات والمعلومات المتاحة.

*في ظل هذه التحديات، كيف تنظرون لمستقبل القطاع المصرفي العربي؟
نتفاءل بمستقبل القطاع المصرفي العربي لما يملكه من إمكانيات مالية وبشرية وخبرة كبيرة لتحقيق النمو والازدهار خلال السنوات المقبلة، على الرغم من تلك التحديات.

على المصارف العربية العمل على التكيف مع الضغوطات الجيوسياسية والاقتصادية، كما إن تعزيز الاستقرار المالي وإدارة الأخطار بشكل فعال يجب أن يكونا من الأولويات للحفاظ على استمرارية الأعمال وتجنب الصدمات الاقتصادية.

*هل للقطاع المصرفي العربي دور في دعم برامج التنمية وتعزيز الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية؟
القطاع المصرفي العربي هو العمود الفقري للاقتصاد، ودوره في دعم النمو الاقتصادي سيظل حيوياً، ومن الواجب أن يؤدي القطاع المصرفي دوراً محورياً في دعم التنمية المستدامة في الدول العربية، عبر تقديم مزيد من التمويل للمشاريع الخضراء، والطاقة المتجددة، وإدارة المياه، ودعم الشركات التي تتبنى ممارسات مسؤولة بيئياً واجتماعياً.

*ماذا عن برامج التحول الرقمي للمصارف العربية؟
المصارف العربية عليها الاندماج أكثر في إستراتيجيات التحول الرقمي، فالمستقبل سيشهد زيادة في التوجه نحو التحول الرقمي والابتكار في الخدمات المصرفية، فالاستثمار في التكنولوجيا سيمكن المصارف العربية من الوصول إلى شرائح أوسع من المجتمع، بما في ذلك الفئات غير المتعاملة تقليدياً مع المصارف، ما يعزز الشمول المالي.

*تواجه دول عربية أزمات مالية بسبب أوضاعها الاقتصادية أو الأمنية أو السياسية، ما طبيعة الدعم المقدم من الاتحاد للمصارف المركزية لهذه الدول؟
يسعى اتحاد المصارف العربية إلى تأدية دور حيوي في دعم المصارف المركزية العربية عامة، وتحديداً في الدول التي تواجه أزمات اقتصادية وأمنية وسياسية، الدعم يأتي في إطار تعزيز الاستقرار المالي وحماية النظام المصرفي، وضمان استمرارية الأعمال المصرفية في ظروف أمنية وسياسية بالغة التعقيد.

وأود هنا أن أعطي مثالين حول ما قام به الاتحاد في هذا الخصوص. ففي لبنان، وفي ظل الأزمة الاقتصادية والمالية والمصرفية والنقدية التي يواجهها منذ 5 سنوات، عقد الاتحاد 4 مؤتمرات، حشد لها خبرات دولية وعربية ومحلية من خلال شبكة واسعة من الخبراء والمستشارين، بهدف تقديم حلول للخروج من الازمة، كما قدم مشروع خطة إصلاحية اقتصادية ونقدية ومصرفية متكاملة لحل تلك الازمة.

وفي العراق، وفي ظل منع الخزانة الأمريكية عدد من المصارف العراقية من التعامل بالدولار، ومع تهديدات المصارف المراسلة بقطع علاقاتها مع مصارف عراقية، عقد الاتحاد مؤتمراً في بغداد في يونيو الماضي حول تعزيز الامتثال لقواعد مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بالتعاون مع البنك المركزي العراقي، وكيفية تعامل المصارف العراقية والعربية مع أخطار الامتثال وتعزيز العلاقات مع المصارف المراسلة.

*كم تقدر الفجوة المالية لمتطلبات تمويل التنمية المستدامة في العالم العربي، وكيف يمكن سد هذه الفجوة؟
حسب تقديرات الاتحاد فإن حجم الفجوة المالية لتلبية متطلبات التنمية المستدامة في المنطقة العربية تصل إلى 100 مليار دولار سنوياً، وهو رقم كبير جداً يساوي نحو 3% من حجم الناتج المحلي الإجمالي العربي.

هذه الفجوة التمويلية تمثل عائقاً صعباً أمام تحقيق التنمية المستدامة، لذا فإن هناك حاجة ملحة لتقديم حلول تمويلية مبتكرة والتزامات مالية أقوى، لذا فإن معالجة العجز المالي أمر بالغ الأهمية، لأنه يؤثر في قطاعات مختلفة مثل التعليم والرعاية الصحية والبنية الأساسية وحماية البيئة.

وفي المنطقة العربية، تبرز أهمية مشاركة القطاع المصرفي في تمويل التنمية مع إدراك أنه يدير موجودات نحو 5 تريليونات دولار، وتمويلات نحو 3 تريليونات دولار.

ولعلي أشير هنا إلى أن الاتحاد خلال قمة "أهداف التنمية المستدامة 2023" التي عقدت في سبتمبر 2023 في نيويورك، أكد مشاركته في الجهود الدولية لتعزيز تمويل أهداف التنمية المستدامة في المنطقة، من خلال تشجيع المصارف والمؤسسات المالية العربية على حشد تريليون دولار لتمويل التنمية بحلول 2030، حيث تم هذا الالتزام بالشراكة مع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، بتحقيق هذا الهدف لسد فجوة التمويل وتحفيز تنفيذ أهداف التنمية المستدامة في شتى الدول العربية.

*ماهي أبرز القضايا التي يدرسها الاتحاد حاليا لدعم القطاع المصرفي العربي؟
يعمل الاتحاد حاليا على دعم برامج التنمية المستدامة، الشمول المالي، التمويل الأخضر والمسؤولية الاجتماعية والبيئية والحوكمة، التحول الرقمي والتكنولوجيا المالية، إضافة إلى قضايا الامتثال ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتشكل هذه القضايا برنامج عمل الاتحاد للعامين، الجاري والمقبل.

*كم تقدر موجودات المصارف العربية؟
بحسب آخر البيانات المتوفرة لدى الاتحاد بلغ حجم الموجودات المجمعة للقطاع المصرفي العربي بنهاية الربع الأول من العام الجاري نحو 4.8 تريليون دولار، بزيادة 4.8% عن نهاية 2023، كما بلغت الودائع المجمعة للقطاع المصرفي العربي نحو 2.9 تريليون دولار بزيادة 6% عن نهاية 2023.

في حين بلغت نسبة حجم موجودات القطاع إلى الناتج المحلي الإجمالي العربي 135% عام 2023، مقارنة بـ120% في 2022.

الأكثر قراءة