دورة جديدة للاقتصاد الأمريكي .. نمو قوي لكن وعر

دورة جديدة للاقتصاد الأمريكي .. نمو قوي لكن وعر
على مدى الأعوام الـ15 الماضية، اتسم الاقتصاد بضعف الطلب وانخفاض أسعار الفائدة.

لن يطلق أحدا إنذارا، أو يرسل لك رسالة نصية قصيرة، أو بريدا إلكترونيا بشأن مايحدث، ولكن الاقتصاد الأمريكي يشهد تحولا تاريخيا. فنحن نغادر فترة طويلة من التوسع -ما يطلق عليه خبراء الاقتصاد "دورة قوية"- وندخل في فترة مختلفة تمام الاختلاف.

على مدى الأعوام الـ15 الماضية، اتسم الاقتصاد بضعف الطلب وانخفاض أسعار الفائدة. والآن، يقول الخبراء بحسب "موقع بزنس إنسايدر" إن هذه الدورة تقترب من نهايتها وأننا ندخل عصرا من النمو المرتفع، والتضخم المعتدل، والاضطراب الجيوسياسي الذي من شأنه أن يعيد توجيه تدفق الأموال حول العالم. حان عصر جديد، ولكنه سيكون وعرا.

النبأ السار هو أن هذا العصر الجديد قد لا يكون مثقلا بالمشكلات التي وضعت سقفاً للنمو خلال العصر السابق. يقول خبراء الاقتصاد إن السمة الأكثر بروزا في الفترة القديمة كانت خطر الانكماش - احتمال أن يتسبب نقص الطلب في انحدار الأجور والأسعار إلى مستويات منخفضة، وهو الفخ الذي يصعب الإفلات منه.

وفي محاولة لتجنب هذا المصير، دفع صناع السياسات في واشنطن أسعار الفائدة إلى الصِفر وشجعوا السلوكيات المحفوفة بالأخطار بين المستثمرين والشركات والمستهلكين العاديين. وكانت هذه البيئة ذات عواقب كثيرة غير مسبوقة.

الآن، يقول خبراء الاقتصاد، إننا ندخل دورة قوية ستتميز بثلاث قوى كاسحة. أولا، ستكافئ أسعار الفائدة المرتفعة المدخرين، ما يجعل المخاطرة أكثر تكلفة. ثانيا، ستولد التقلبات الجيوسياسية والاقتصادية تأثيرات تضخمية، ما يعيد شبح ارتفاع الأسعار. أخيرا، سيتأثر التخطيط الصناعي بمخاوف الأمن القومي، ما يغير سلاسل التوريد عبر الصناعات. وسيؤدي استقرار أسعار الفائدة المنخفضة إلى إنشاء قوة جذب جديدة في الأسواق العالمية، وإعادة معايرة القوى التي تحدد المكان الذي من المرجح أن ينمو فيه الاقتصاد ويتدفق فيه الاستثمار.

أوضح العلامات على وصول دورة اقتصادية قوية جديدة هي عندما تنقلب القواعد المالية رأسا على عقب. وقد بدأت الدورة الاقتصادية السابقة عندما قام الاحتياطي الفيدرالي، في استجابة لللانهيار الناجم عن الأزمة المالية، بخفض سعر الفائدة القياسي إلى صفر % ــ وهي المرة الأولى التي يهبط فيها البنك المركزي إلى القاع.

الآن، مع وصول دورة قوية جديدة، يضطر مديرو الأموال مرة أخرى إلى التكيف مع مجموعة متغيرة من الحقائق الاقتصادية. عادة، عندما يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بسرعة، تنهار سوق الأسهم، لكن هذا لم يعد صحيحا. فمن 2022 إلى 2024، مع ارتفاع سعر الفائدة القياسي من 0.5% إلى 5.5%، ارتفع مؤشر ناسداك 100 ومؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 23% و22%، على التوالي.

كما فشلت أسعار الفائدة المرتفعة في تحفيز عمليات تسريح واسعة النطاق أو تراجع الاقتصاد. وظل معدل البطالة أقل من 4.3%، وظل نمو الناتج المحلي الإجمالي قويا، متحديا المخاوف من الركود. باختصار، هناك شيء ما أدى إلى إرباك التفاعلات الطبيعية في السوق.

أحد التفسيرات لسلوك الاقتصاد المتقلب هو التغيير في ما يسميه خبراء الاقتصاد سعر الفائدة المحايد - النقطة المثلى لتشجيع النمو دون إثارة التضخم. بعد الأزمة المالية في 2008، كان الاقتصاد ضعيفا لدرجة أن سعر الفائدة المحايد انخفض إلى الصِفر لتحفيز الأموال على التدفق بحرية أكبر. ولكن الآن قد تشير الطبيعة الغريبة للسوق إلى أن سعر الفائدة المحايد ارتفع فوق الهدف المثالي للاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%. وهذا من شأنه أن يفسر لماذا لم تعد أسعار الفائدة المرتفعة تبطيء النمو.

مثل كل دورة، سيكون هناك إيجابيات وسلبيات. ستؤدي أسعار الفائدة المرتفعة إلى زيادة تكلفة القروض، ما يجبر الشركات على اتخاذ قرارات أكثر عمقا بشأن الديون. لكنها ستعزز أيضا حسابات التوفير ودخل الفائدة.

الأكثر قراءة