تهديدات ترمب الجمركية فصل جديد من عدم اليقين بشأن آفاق الاقتصاد العالمي

تهديدات ترمب الجمركية فصل جديد من عدم اليقين بشأن آفاق الاقتصاد العالمي

أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي المقبل، دونالد ترمب، بشأن فرض رسوم جمركية أعلى على كندا والمكسيك والصين، قلق بين الخبراء بشأن آفاق الاقتصاد العالمي وأنه مقبل على فصل جديد من عدم اليقين الاقتصادي.

رغم هذه التصريحات التي تُعد جزءًا من سردية طويلة الأمد تمثل أحد المحاور الرئيسية في رؤية ترمب لاستعادة "عظمة أمريكا" مجددًا، كما يقول، إلا أنها تحمل في طياتها إمكانية حدوث اضطراب كبير في تدفقات التجارة العالمية، وديناميكيات الاستثمار، واستقرار العملة.

الدكتورة ليزا كندال، أستاذة التجارة الدولية في جامعة جلاسكو، تحذر بشدة من المسار الذي قد تسلكه التجارة الدولية ، وقالت لـ"الاقتصادية" إن "التعريفات الجمركية الأعلى قد تحمي قطاعات أمريكية معينة في الأمد القريب، لكنها تخاطر بتدابير انتقامية، وتعطيل سلاسل التوريد العالمية، بل وإلحاق الضرر بالمُصدّرين الأمريكيين".

أشارت إلى وجود تقرير لشركة ماكينزي خلص إلى أن 60% من الشركات العاملة في القطاعات الرئيسية التي تعتمد على سلاسل التوريد العابرة للحدود أرجأت أو ألغت استثماراتها خلال النزاعات التجارية.

في حين، قال لـ"الاقتصادية" الدكتور أندرو ماكين، المستشار السابق في صندوق النقد الدولي، "في حال تنفيذ ترمب تهديداته، فإن تداعيات التعريفات الجمركية المرتفعة ستتجاوز العلاقات بين الولايات المتحدة والبلدان الثلاثة، وستترك بصمة ضارة على الاقتصاد الدولي. كما ستدفع الدول المختلفة إلى إعادة النظر في سياسات التجارة الخاصة بها لحماية اقتصاداتها من تباطؤ التجارة العالمية. وقد تتحمل الصناعات الرئيسية، مثل التكنولوجيا والزراعة والسيارات، العبء الأكبر من ارتفاع التكاليف وانخفاض القدرة التنافسية".

ويشير إلى أن الاقتصادات الناشئة، المندمجة بعمق في سلاسل التوريد العالمية، ستتأثر بشدة، حيث إن أي حرب تجارية، مهما كان نطاقها، ستؤدي حتما إلى خفض أسعار السلع الأساسية والصادرات، وإجهاد الموازنات المالية لتلك الدول.

إس. إم. فيليب، الخبير الاستثماري والمحلل المالي في مجموعة "نت ويست" المصرفية، يعلّق لـ"الاقتصادية" قائلا "ستأخذ الاستثمارات الدولية خطوة إلى الوراء لمراقبة تأثير رفع التعريفات الجمركية في مسار التجارة الدولية. وعلينا أن نتذكر أن الحرب التجارية الأمريكية-الصينية بين عامي 2018 و2019 أدت إلى انخفاض تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر عالميًا بنسبة 13%".

وأكد أن الولايات المتحدة والصين شهدتا معا انخفاضًا قدره 100 مليار دولار في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الفترة نفسها، وغالبًا ما ستتردد الشركات متعددة الجنسيات في الالتزام باستثمارات جديدة بسبب مخاوف اضطراب سلاسل التوريد وزيادة التكاليف وتقلب الطلب.

وأضاف: "رغم صعوبة التنبؤ حاليا بتفاصيل المشهد الكلي للاستثمارات العالمية المقبلة، فمن المؤكد ابتعاد الاستثمارات عن الاقتصادات المتورطة في نزاعات تجارية أمر لا مفر منه إذا نفّذ ترمب تهديداته. ومن المرجح أن يسعى المستثمرون إلى الاستقرار في المناطق الأقل تعرضًا لارتفاع التعريفات الجمركية".

الخطر الأكبر كما تصفه الخبيرة المصرفية هيلين ويتلي بأنه لا يكمن فقط في الحرب التجارية، ولكن أيضًا في الآليات التي قد تلجأ إليها الدول المتصارعة لتعزيز قدرتها على خوض هذه الحرب.

ولـ"الاقتصادية" تقول: إن "النظام المالي العالمي يمتلك الآليات والخبرة التي تحد من أخطار حرب العملات، لكن من الصعب إنكار أن التهديد بفرض رسوم جمركية أعلى يتشابك، بالنسبة لترمب، مع اتهاماته الدائمة لخصومه، وتحديدًا الصين، بخفض قيمة عملتها المحلية للحفاظ على قدرتها التصديرية. ومن ثم، فإن زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على الصين تحديدًا قد يدفعها إلى خفض حقيقي لقيمة عملتها للحفاظ على مكانتها الاقتصادية، وقد يستتبع ذلك ردًا أمريكيًا بخفض قيمة الدولار".

وأضافت محذرة "الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي يمتلكون أنظمة مالية قادرة على الصمود النسبي في مواجهة حرب عملات، رغم ما سيلحق بهم من خسائر، لكن الخطر الحقيقي سيطال الاقتصادات الناشئة، التي تُعد في أمسّ الحاجة إلى استقرار في مستويات العملة الوطنية لضمان تدفق الاستثمارات".

وقالت "البنك الدولي يشير إلى أن الأسواق الناشئة قد تشهد تقلبات في العملة بنسبة 10-15%. وإذا تشابكت الحرب التجارية مع حرب العملات، فقد نشهد تدفقات مالية مزعزعة للاستقرار في عديد من الأسواق الصاعدة، مصحوبة بضغوط تضخمية عنيفة".

الأكثر قراءة