كيف كانت الميزانية في عهد الملك عبدالعزيز؟
صدرت أول ميزانية عام 1350 الموافق 1932 وحجمها نحو 37 مليون ريال. وللمقارنة بوقتنا، ميزانية 2025 أكبر منها بآلاف المرات. وتعد ميزانية 1350هـ قفزة تطور قوية على يد المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- فلله الحمد والشكر.
خلال فترة توحيد البلاد خلال الربع الأول من القرن الميلادي الماضي، كان يطلق على الدائرة المالية المسؤولة عن الموارد والنفقات العامة الاسم التاريخي القديم بيت المال. لكن في 1344هـ الموافق 1926 أنشئت إدارة باسم مديرية المالية العامة، ومهمتها إدارة واردات ومصاريف الحكومة، وكانت في منطقة مكة المكرمة. وبعدها بـ3 سنوات تقريبا حولت إلى وكالة المالية العامة.
ثم صدر الأمر الملكي بتحويل الوكالة إلى وزارة في 1351هـ الموافق 1932. وكان أول وزير للمالية الشيخ عبدالله بن سليمان الحمدان رحمه الله. وفي 1374هـ نقل مقر الوزارة إلى الرياض. وكانت تسمى وزارة المالية والاقتصاد الوطني. وبعد دمج نشاط الاقتصاد بوزارة التخطيط، عدل اسم الوزارة إلى الاسم الحالي وزارة المالية في 1424هـ.
كانت مصادر مالية الدولة فترة توحيد البلاد تتركز في الزكاة والمواشي والزراعة. ثم توسعت بعد التوحيد، والكلام قبل عصر النفط، توسعت بدخول الجمارك والبريد والبرق والضرائب المقررة على شركات الملاحة ووسائط الانتقال والرسوم على بعض الخدمات الحكومية. أما بعد ظهور النفط وتصديره بكميات كبيرة بعد الحرب العالمية الثانية فقد زادت الإيرادات وكذلك النفقات زيادة حادة.
أسلوب وضع تقديرات الميزانية في عهد الملك عبدالعزيز بعد ثبوت أو انتظام العمل بها شبيه بالأسلوب المتبع في الوقت الحاضر. ابتداء تقوم الدوائر الحكومية بوضع تقديرات بموازنتها، مفصلة حسب أوجه الإنفاق، وتحال طلبات هذه الميزانيات التقديرية إلى المالية فتدرس فيها، ثم تحال إلى مجلس الشورى لأجل تدقيقها، تمهيدا لاستحصال الموافقة الملكية عليها. وقتها لم يكن مجلس الوزراء قد أنشئ بعد.
في أواسط القرن الهجري الماضي الموافق أواخر العقد الثالث من القرن الميلادي الماضي، عاش العالم تحت أزمة اقتصادية حادة عُرفت بالكساد الكبير، ومن آثارها أن نقص عدد الحجاج نقصا كبيرا. وتضررت مالية الدولة. تم وقتها تأسيس إدارة جديدة سميت "الصندوق العمومي"، حصرت فيه كل الموارد والنفقات، وأسند إليه الإشراف على صرف الأبواب المختلفة بموجب النظام، وكل ذلك زيادة في قدر التنظيم والرقابة على واردات ومصروفات الحكومة.
وفي أواخر عهد الموحد صدر نظام ضريبة الدخل لأول مرة بمرسوم ملكي تاريخه 21/1/1370، وربما كانت أهم سمة لهذا النظام هي قصر فرض هذه الضريبة على غير السعوديين وعلى غير الشركات السعودية المحضة. أما الأفراد والشركات الذين يحملون الرعوية السعودية فتستوفى منهم الزكاة الشرعية وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية السمحة.
أدخلت على هذا النظام بعض التعديلات بموجب المراسيم الملكية الصادرة في السنوات التالية: 1370هـ، 1376هـ، 1380هـ، 1382هـ، 1390هـ. وفقا لنظام ضريبة الدخل أنشئت دائرة تابعة لوزارة المالية باسم مصلحة الزكاة والدخل. مع مرور السنين عدلت البنية والاسم تبعا للتطورات والتغيرات.
خلال تقريبا السنوات العشرين الأخيرة من عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله، أنشئت دوائر مدنية حكومية غير مختصة بالمسائل المالية وتتبع إما وزارة المالية أو وزارة الداخلية، إذ لا وجود لوزارات أخرى خلاف الخارجية. ربط من هذه الدوائر بوزارة المالية ما رُئي أن الجانب المالي في طبيعة عملها قوي، وقد انتهى ارتباط هذه الدوائر بوزارة المالية لاحقا. ومن الأمثلة مكتب التعدين والأشغال العمومية، وشؤون الحج، والزراعة والطرق. وبالله التوفيق.