صناعة السيارات هيمنة ونمو مستمر

تشهد صناعة السيارات حول العالم نموا متواصلا منذ نشأتها وتسهم في الاقتصاد العالمي بشكل متزايد، لعوامل مختلفة انطلاقا من النمو السكاني العالمي، فالعالم اليوم يسكنه 8 مليارات نسمة مقارنة بـ 4 مليارات نسمة كان عندها التعداد السكاني العالمي قبل 50 عاما، وهذا يشير إلى نمو الطلب على السيارات والمركبات باستمرار تنامي البشر. كذلك فإن تسارع وتيرة الابتكارات والتطور التقني في العالم جعل امتلاك مركبة أكثر سهولة عما كانت عليه عند نشأتها كصناعة. سجلت أول براءة اختراع لسيارة في العام 1886 تعود لبنز في ألمانيا وسجل تاريخ 1903 الانطلاقة التجارية الفعلية لصناعة السيارات حيث شهد العالم صناعة ما يقارب 60 ألف مركبة تلك السنة 49% منها صنعتها فرنسا وما يقارب 11,200 صنعت في الولايات المتحدة الأمريكية، بالرغم من أن الانطلاقة كانت في ألمانيا إلا أن الهيمنة سرعان ما انتقلت منها إلى فرنسا وبقيت أوروبا لوقت تفرض هيمنتها على صناعة السيارات.

كانت تلك بدايات صناعة السيارات في العالم لتستمر في نموها وصولا إلى أحدث أرقام الإنتاج الحالية التي تتجاوز 80 مليون سيارة سنويا. يعد النمو السكاني والتطور التقني من المسببات الرئيسية لنمو هذا القطاع إضافة إلى تزايد إنتاج الطاقة واكتشافاتها ساهمت كذلك في تيسير نمو هذا السوق وتمتد العناصر المؤثرة في نمو هذا القطاع دون حدود.

أصبحت اليوم صناعة السيارات ذات ثقل مؤثر في الاقتصاد العالمي بعد أن وصل تمثيل القطاع لـ3% من حجم الناتج الإجمالي العالمي. أيضا فإن حجم إيرادات قطاع السيارات ما بين التصنيع والبيع وخدمات ما بعد البيع إلى 3 ترليونات دولار سنويا وتشير التقديرات إلى تضاعف هذا الرقم إلى 9 ترليونات دولار في السنوات السبعة المقبلة، وهذا يبرهن مدى أهمية القطاع وسرعة النمو فيه.

بالرغم من ضخامة هذه السوق واستمرار النمو لسنوات طويلة وندرة تراجع النمو فيها حيث تعثر فقط في سنوات قليله وبسبب آثار خارجية مثل الحروب العالمية وجائحة كوفيد 19 إلا أن الهيمنة التصنيعية لسوق السيارات مستمر داخل دول وأسواق محددة كالسوق الأمريكية، الأوروبية واليابانية والكورية الجنوبية حتى بدأت الصين الدخول على خط منافسة الإنتاج الصناعي للسيارات لتسابق المتقدمين تاريخيا. لأنها صناعة تتطلب كفاءة وجودة وتقنيات كان لبعض الدول محاولات للمنافسة لم يكلل لها النجاح مثل التجربة الماليزية، الروسية وغيرها من الدول التي حاولت تصنيع وإنتاج سيارات من الصفر دون النظر في بناء تحالفات تستقطب من خلالها المعارف الخاصة بهذه الصناعة لتدخل المنافسة بشكل أكثر قوة وأقرب إلى أن تكون تجربة ناجحة. مثلت تجربة ولاية ديترويت نموذج ناجحا لصناعة السيارات حتى أصبحت هذه الصناعة محور اقتصاد الولاية نفسها وجعل منها عاصمة لصناعة السيارات في العالم.

نهاية الأسبوع الماضي أطلق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان اسم الملك سلمان بن عبدالعزيز على منطقة صناعة السيارات في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، تأتي أهمية التسمية من أهمية الصناعة للخطط في تنويع القاعدة الاقتصادية للسعودية ما يمثل مدى أهمية هذه الصناعة نفسها والصناعات المصاحبة لها فصناعة السيارات ترتبط بشكل وثيق بقاعدة متنوعة من القطاعات كالتقنية والتكنولوجيا والبتروكيماويات والحديد والصلب وغيرها من القطاعات وهذه المكونات مجتمعة تصنعها السعودية وأصبح لزاما أن توصلنا هذه الصناعات الأساسية إلى منتجات نهائية تعزز الفائدة الاقتصادية على السعودية وهذا ما يمثل أهمية رمزية تسمية المجمع باسم الملك سلمان بن عبدالعزيز ليكون المجمع على خريطة مناطق التصنيع التجاري للسيارات في العالم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي