أوضاع أجور القطاع الخاص

الموضوع طويل، ولذا فالكلام هنا باختصار. يرى بعضهم أن الرواتب التي يدفعها القطاع الخاص للعاملين المواطنين مرتفعة متوسطا، ويرى آخرون العكس. والحجة لدى الفريق الأول أنها لو لم تكن كذلك لقلت الحاجة إلى الاستقدام، أو صارت عندنا عطالة قوية عن العمل، وكانت رغبة الوافدين بالبقاء والعمل في بلادنا ليست بذاك القوة. أما الذين يرون العكس، فنابع من منطلقات ربما أهمها أن الحد الأدنى نحو 3 آلاف هو معاش يسير مقارنة بتكلفة الحياة، وأن الأغلبية من العاملين في القطاع الخاص معاشاتهم أقل من 10 آلاف ريال بالشهر.

طبعا رواتب القطاع الخاص وبدلاته ومميزاته متفاوتة جدا. ذلك أن في السعودية عشرات أو مئات الآلاف من منشآت القطاع الخاص، التي يجمع بينها أنها تمارس عملا تجاريا، ولديها سجل تجاري. ولكن هذه المنشآت تتفاوت حجما وقوة ومنافسة وطبيعة عمل ورواتب كتفاوت البشر في أرزاقهم، وفي صحتهم وفي أخلاقهم وفي إيمانهم. هناك المنشآت الكبيرة كالمصانع الكبيرة والبنوك والشركات الأخرى الكبيرة. بالمقابل، هناك المنشآت المتوسطة والصغيرة الحجم، وأغلبها أقل قدرة وتنظيما ورواتب، وعددها أضعاف الكبيرة.

الفئة الأولى (المنشآت الكبرى) ونسبة صغيرة من المنشآت المتوسطة (عالية البنية والتنظيم إداريا وذات ربحية عالية نسبيا) تعطي رواتب وميزات تعد عالية، في عامة الوظائف والمستويات والمراتب الوظيفية.

طبعا الطلب على وظائف هذه الفئة مرتفع، بما في ذلك وظائفها الدنيا. وهذه الفئة تهتم بانتقاء أفضل الموارد البشرية.

هناك فئة وسط، تعطي رواتب تعد نسبيا جيدة، لكنها أقل بوضوح مما تعطية الفئة السابقة. كثير من منشآت هذه الفئة أقل جاذبية للسعوديين من وظائف الحكومة أخذا بالحسبان الفروقات في الظروف الوظيفية. وبصافة عامة، الإقبال على وظائف هذه الفئة بين متوسط إلى مرتفع، وهناك عادة استقرار وظيفي، بالنظر إلى التكلفة العالية للبقاء عاطلا أملا في العثور على وظيفة أفضل في الحكومة أو الفئة الأولى.

هناك فئة ثالثة، أجورها متدنية مقرونة بطبيعة عمل غير مناسبة في الغالب. وهي عوامل تقلل طلب العاطلين من المواطنين على وظائف هذه الفئة. ومن يلتحقون للعمل فيها فهم عادة إما أصحاب دوام جزئي، أو لفترة يبحث خلالها عن وظيفة أفضل، ونحو ذلك من أسباب. هذه الفئة تشكل أكثر من نصف منشآت القطاع الخاص، وتعتمد هذه الفئة على غير السعوديين، حيث يشكلون الأغلبيةة العظمى، كما دلت على ذلك الإحصاءات والمشاهدة.

دلت بيانات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية أن ما مضى من سنوات رؤية السعودية 2030 شهدت تضاعف أعداد السعوديين العاملين في القطاع الخاص، فأكثرهم يتقاضون رواتب 10 آلاف ريال، ويمثلون نحو ربع السعوديين العاملين في القطاع الخاص، مقابل 12% فقط كانوا يتقاضوا الأجر نفسه بنهاية العام 2016.

لقد شهد القطاع الخاص السعودي نقلة كبيرة في ظل برامج ومبادرات رؤية السعودية 2030 التي رفعت إسهام القطاع الخاص في الاقتصاد السعودي حاليا إلى نحو 60% بعد أن كانت نحو نصف هذا الرقم قبل سنوات الرؤية. قاد هذه الزيادة القطاع غير النفطي، مدعوما بمبادرات إفساح المجال أمام القطاع الخاص وتحفيزه على ضخ الاستثمارات.

عدد العاملين في القطاع الخاص حاليا نحو 12 مليونا. ومجموع السعوديين العاملين في القطاع الخاص نحو مليونين ونصف حاليا. ووفقا للبيانات فإن عدد السعوديين العاملين بالقطاع الخاص الذين يتقاضون أجرا شهريا 10 آلاف ريال وأكثر وصل إلى نحو نصف مليون. في المقابل تظهر البيانات أن عدد الذين يتقاضون أجرا شهريا 10 آلاف ريال وأكثر في بداية سنوات الرؤية كان نحو ربع مليون سعودي وسعودية، من مجموع السعوديين العاملين في القطاع الخاص البالغ في ذلك الوقت نحو مليون و700 ألف سعودي وسعودية.           

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي