الملك عبد الله جسراً للتلاقي

رسالة الملك عبد الله لمؤتمر جنيف للحوار في مضمونها المضغوط هي: خفض مستوى التوتر بين شعوب العالم. المنطقة العربية وتحديداً الجزيرة العربية بكل جغرافيتها الطبيعية والخليج يعتبرها الغرب آخر أراضي اليابسة في الكرة الأرضية لأنها تقع على حافة بحر العرب ذلك البحر الذي يلتقي عنده المحيطان الأطلسي والهندي وتتصادم عنده المياه والحضارات .. فمتى ما استطاع الملك عبد الله إقناع العالم بخفض التوتر فإن البنود الأخرى لمؤتمر جنيف يمكن حلها: الترابط بين الحضارات والتسامح والتعايش السلمي بين الأفراد والشعوب والتحرر من الفقر والجوع والمرض والجهل والفساد ومواجهة الأزمات الحادة.
والتاريخ الحديث الذي صنفه المؤرخون يبدأ من الحملة الفرنسية على الشرق العربي في القرن التاسع عشر ميلادي مروراً من الاستعمار الاقتصادي من قبل الشركات: البريطانية والفرنسية والهولندية والروسية التي كانت تسيطر على البحار العربية حتى الاستعمار الفعلي في القرن العشرين الميلادي حيث قسمت دول وأراضي الإمبراطورية العثمانية على دول أوروبا: بريطانيا وفرنسا وإيطاليا .. من ذلك الزمن والأراضي العربية تعيش حالة توتر وعدم استقرار, فالعرب لم يتخلصوا تماماً من بقايا الاستعمار الذي انتهى إلى إنشاء دولة إسرائيل, وفي المقابل فإن الغرب لم ينس أو ما زالت عالقة في ذهنه الحقبة الاستعمارية وأن هذه الدول كانت فيما مضى من أراضي ودول ومستعمرات ما وراء البحار.
هل نتعافى ونبدأ على المنهجية الإسلامية وتسامح ديننا الحنيف: عفا الله عما سلف؟ وفقاً للثقافة الغربية, ومال ودول العرب للعرب ونصفح عن الحقبة الاستعمارية وكذلك الغرب يتخلى عن دور الجلاد والمستعمر وسيد الرعايا.
إذا تجاوزنا تلك الصور ووافق الغرب على أن يكون للشرق طموح وثقافة وعزة دينية وقومية وللعرب أنظمته الحكومية وأساليبه وطرق المعالجة ووافق على أن يكون للشرق ثقافته ومنهجه وأسلوبه, وفي المقابل إذا الشرق عفا وأغفل صور المستعمر وتبادلت أوروبا معنا الاحترام بحساب الدم واللون والمعتقد والثقافة فإننا سنكون على بعد خطوة أو خطوتين من التقارب الذي يقوم على الاحترام المتبادل بدلاً من أن يصورنا الغرب على أننا لا نقبل الآخر, في الوقت الذي ما زال لم يعترف بنا نحن كشعوب تسعى إلى تحقيق ذاتها وطموحاتها, فمعيار الذهب الذي يحاكمنا به الغرب مازال مطبقاً: نحن دول العالم الثالث والدول المتخلفة والنامية والشعوب الملونة وشعوب المعتقدات وغيرها من الأوصاف التي لا تدل على الاحترام.
المرحلة القادمة هي للتطمين وخفض التوتر وبناء الثقة, وفي مرحلة جيلية في المنظور القريب قد يتم التلاقي والتقارب بين الشرق والغرب لأن البحر الأبيض المتوسط قاسم مشترك بين شعوب المشرق والمغرب .. والممر الذي مرت منه جيوش بيزنطة والصليبيون ونابليون والاستعمار الحديث, قد يكون جسرا وممرا تمر من خلاله المصالحات والتوافقات ويلتقي الشرق بالغرب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي