«هيئة سعودية للمحامين»
تأكيداً لما لمهنة المحاماة من أهمية في الحفاظ على الحقوق وتوثيق المعاملات والعقود ومساعدة القضاء في تحقيق العدالة، وتمشياً مع متطلبات منظمة التجارة العالمية WTO صدر في المملكة العربية السعودية المرسوم الملكي رقم (م/38) وتاريخ 28/7/1422هـ بالمصادقة على نظام المحاماة وهو يماثل إلى حد قريب في المسائل العامة ما هو موجود في بعض الدول المجاورة، وقد أناط النظام بوزارة العدل مسؤولية العناية بالمحامين وشؤونهم، وبعد مضي أكثر من ثماني سنوات على صدور هذا النظام فإن مراحل التطبيق بينت سنة بعد أخرى أن هناك حاجة ملحة إلى إنشاء هيئة تعنى بمهنة المحاماة كمهنة حرة تسمى الهيئة السعودية للمحامين على غرار الهيئة السعودية للمحاسبين SOCPA أو نقابة المحامين في جمهورية مصر العربية بدلاً من الاسم الراهن وهو اللجنة الوطنية للمحامين وذلك لعدة أسباب وغايات سيتطرق إليها هذا المقال.
لقد قامت اللجنة الوطنية للمحامين خلال الأعوام الماضية تحت مظلة مجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية بدور الهيئة السعودية للمحامين التي نطالب بإنشائها، ولا شك أن ما قدمه مجلس الغرف التجارية من دعم مالي ومعنوي لهذه اللجنة يعد محل ثناء وتقدير جميع زملاء المهنة سواء محامين أو مستشارين قانونيين، إلا أنه ولمّا كانت المحاماة ليست بعمل تجاري أو صناعي ولإعطاء هذه الهيئة الاستقلالية اللازمة فإنه قد يكون من الأصوب أن تعمل هذه الهيئة تحت إشراف وزارة العدل وذلك للنهوض بمهنة المحاماة كمهنة حرة وكل ما من شأنه تطوير هذه المهنة والرقي بمستواها، وهذا يتطلب تعديل نظام المحاماة.
كما قد يكون من أهداف هذه الهيئة إعداد البحوث والدراسات الخاصة بمهنة المحاماة، إصدار الدوريات والنشرات المتعلقة بالمهنة، عقد الندوات والمؤتمرات ذات الصلة بمهنة المحاماة والمشاركة في الندوات المحلية والدولية المتعلقة بالمهنة، تنظيم ممارسة مهنة المحاماة لضمان حسن الأداء، تقديم المساعدة القضائية لغير القادرين، تشجيع البحوث القانونية المقارنة والدراسات الشرعية الإسلامية، وكذلك التعاون مع الهيئات المماثلة في الدول العربية والإسلامية وغيرها. عليه، وحيث انتهت أمس مدة دورة اللجنة الوطنية للمحامين، وتم انتخاب لجنة جديدة ورئيس جديد، كما خرج البعض من عضوية اللجنة وانضم زملاء آخرون. فإنني آمل من الزميل الأستاذ علي بن عبد الكريم السويلم المحامي الذي فاز برئاسة اللجنة السعي بمعاونة زملائه لتحقيق هذا المطلب، وعدم إضاعة وقت اللجنة في مسائل ثانوية أو محسومة مسبقاً كماهية الممثل النظامي للشخص المعنوي، التي أخذت الكثير من الوقت والجهد رغم توضيح كاتب هذه المقالة لهذه المسألة من خلال مقالين نشرا في صحيفة «الاقتصادية»، أن ما تحتاج إليه هذه المهنة كمهنة نبيلة شريفة في المرحلة الحالية هو تحقيق عدة أمور تتلخص ابتداء في تعديل نظام المحاماة لغرض إنشاء هيئة سعودية للمحامين ذات أهداف معينة قمت بتعدادها في بداية هذا المقال، إضافة إلى السعي إلى تنظيم العلاقة بين مكاتب المحاماة السعودية والأجنبية على النحو الذي شرحه الأستاذ الفاضل المستشار خالد عثمان في مقاله المنشور في صحيفة «الاقتصادية» بتاريخ 11/4/2009، أيضاً منح المستشارين القانونيين العاملين في القطاع الخاص ترخيص محاماة كما هو معمول به في الدول الأخرى والسماح لهم بفتح مكاتب محاماة إضافة إلى عملهم كمستشارين في القطاع الخاص، اعتبار أتعاب المحامي ديناً ممتازاً، حصانة المحامي، منح المحامي حق التوثيق أي إصدار الوكالات بدلاً من قصرها على كتابة العدل، عدم جواز الحجز على كتب المحامي وموجودات مكتبه الضرورية لممارسة المهنة، التأمين على الأخطاء المهنية Professional Misconduct، السماح للمرأة بمزاولة مهنة الاستشارات القانونية على نحو لا يتعارض مع النظام العام وأخيراً تضمين أخلاقيات المهنة Legal Ethics ضمن نظام المحاماة.
إن تحقيق أعلاه سيكون رافداً مهماً لتطوير العمل القضائي ومهنة المحاماة في المملكة مما يجعلها تؤدي دورها المطلوب خدمة للعدالة ولأفراد المجتمع المستفيدين من مهنة المحاماة، كما تضمن تحقيق الاستقرار والشفافية لهذه المهنة المهمة. لعل في هذه المقالة التي أردت منها طرح الفكرة وسرد مزاياها وأهميتها ما يدفع بزملاء المهنة إلى طرحها للمناقشة بهدف بلورتها على النحو الذي نصبو إليه.
والله الموفق.