استثمار بحيرة المسك لإنتاج الوقود الحيوي وزيوت الطائرات
شهد العام الماضي ارتفاعا في سعر النفط إلى أرقام غير معهودة وصلت إلى نحو 150 دولارا للبرميل الواحد. أدى ارتفاع أسعار مشتقات النفط إلى الإضرار بالكثير من الصناعات ومنها صناعة السيارات وصناعة النقل الجوي. حيث اضطرت شركات الخطوط الجوية إلى رفع أسعار التذاكر لكي تبقى رحلاتها في هامش الأرباح ولتغطية الفاتورة المرتفعة لأسعار وقود الطائرات. فكان أن أدى ذلك إلى نتائج عكسية تمثلت في التناقص الكبير في أعداد المسافرين كون وقود الطائرات يمثل نسبة تصل إلى 40 في المائة من التكاليف التشغيلية. الارتفاع المخيف في أسعار النفط وكساد صناعات حيوية كالنقل الجوي سرعا من مشاريع الأبحاث والتطوير في الدول المتقدمة التي تبحث في بدائل مستقبلية للطاقة، حيث تلقت الجامعات ومعاهد الأبحاث وشركات التطوير دعما ماليا كبيرا من الحكومات بحثا عن أسرار علمية تساعد على إيجاد موارد جديدة للطاقة تناسب التطبيقات الحالية كالعربات والطائرات والسفن التي تكون عماد منظومة الاقتصاد. وبالفعل نجحت – ولو جزئيا – مبادرات علمية لإنتاج الوقود العضوي من النباتات كقصب السكر وجوز الهند ولكن هذه المبادرات كانت لها نتائج عكسية منها تغليب زراعة الوقود العضوي على الزراعة الغذائية، مما أدى إلى ارتفاعات عالية في أسعار أغذية أساسية كالحبوب. كما أدت هذه المبادرات إلى تهديد رقعة الغابات الطبيعية مما يشكل تهديدا خطيرا للمنظومة البيئية لكوكب الأرض التي تعاني أصلا ظاهرة الاحتباس الحراري. الوقود العضوي أثبت نجاحه وكفاءته كبديل للمشتقات البترولية حيث تسابقت العديد من شركات الطيران لتجربته في طائراتها دعما للشركات الجديدة في صناعة الوقود العضوي وللحصول على مكاسب معنوية خاصة أمام التشريعات البيئية الجديدة التي بدأت تفرض رسوما على شركات الطيران كضريبة انبعاث الكربون. إلا أن أملا جديدا تكشف بعد أن تثبتت التجارب العلمية من إمكانية تكوين الوقود من نبات الطحلب. النباتات الطحلبية لا تحتاج إلى مياه عذبة كالنباتات الأخرى التي تنتج الوقود العضوي مثل قصب السكر والذرة والصويا، مما يجعله المصدر الأنسب. كما أن الطحالب أكثر إنتاجا للزيوت العضوية، حيث ينتج الفدان الواحد (الفدان يساوي أربعة آلاف متر مربع تقريبا) عشرة آلاف لتر مقارنة بـ 60 لترا من نبات الذرة أو 200 لتر من فول الصويا. وتقوم وزارة الدفاع الأمريكية حاليا بدعم مشاريع مع جهات متخصصة لرفع كفاءة هذا المصدر وجعله ذا جدوى اقتصادية خاصة أن ميزانية وقود الطائرات تكلف دافعي الضرائب ستة مليارات دولار سنويا.
تعاني أغلب المدن السعودية عدم وجود شبكات الصرف الصحي مما أدى إلى كوارث بشرية جراء ضحايا السيول الموسمية الجارفة وتكون بحيرات من مياه المجاري غير المعالجة كالتي إلى الشرق من مدينة جدة (المسماة بحيرة المسك) والتي إلى الشمال الشرقي من مدينة الرياض. ومن الأهمية بمكان النظر في معالجة هذه البحيرات علميا بإنشاء معامل بحثية خاصة وأن الطحالب على سبيل المثال تعتمد أيضا على أشعة الشمس التي تعتبر داعما لجدوى هذا النوع من المشاريع العلمية. كما أن نبات الهوهوبا (Jojoba) - وهو نبات صحراوي موطنه المكسيك والجنوب الأمريكي - يعتبر فرصة استثمارية أخرى كونه نباتا صحراويا ولا يحتاج إلى مياه عذبة. وينتج هذا النبات بذورا مشبعة بزيت شمعي يدخل في صناعات كثيرة منها زيوت المحركات والزيوت الطبية. ومن المستغرب أن العالم العربي لم يتقدم أيضا في استزراع هذا النبات بشكل تجاري، فإسرائيل تعتبر أكبر منتج لزيت الهوهوبا في الشرق الأوسط رغم صغر مساحة ما تملكه من أراض ومياه، حيث بدأت الاهتمام في هذا النبات في منتصف ستينيات القرن الماضي بإقامة مزارع للتجارب في صحراء النقب مستخدمة مياه البحر الميت شديدة الملوحة. ومن الممكن إنشاء حقول في الأراضي الصحراوية المجاورة لبحيرات الصرف الصحي لتجفيف مياهها من خلال إعادة تدوير المياه الضارة نحو تلك الحقول.