«سمة» والتوازن بين النعمة والنقمة

الناظر بتجرد يلاحظ تطور نظم المعلومات المالية في المملكة وعلى الأخص في القطاع البنكي، ولقد كان لمؤسسة النقد العربي السعودي دور رائد ومشجع لهذا التوجه، وذلك من خلال تأسيس البنية التحتية لنظم المعلومات وإتاحتها بعدالة للجميع، ولقد استفادت البنوك من هذه الفرصة وأصبح نظام المعلومات في البنوك السعودية يضاهي أمثاله حول العالم.
ولقد استمر بناء نظم المعلومات ليشمل أنظمة فرعية أخرى مثل «سداد» والنظام الائتماني وغيرهما كثير، فعلى سبيل المثال أسست الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية (سمة) Saudi Credit Bureau من قبل البنوك التجارية بدعم وإشراف مؤسسة النقد، وذلك بهدف توفير المعلومات الائتمانية للأعضاء كخطوة في سبيل تطوير آليات الاقتراض والتأكد من سلامة إجراءاته، كما حدد في نظامها الأساسي، ولا شك أن جمع البيانات الائتمانية عن الأشخاص والشركات وتحليلها ومن ثم إصدار تقارير نوعية عن تاريخ المقترض، خطوة حضارية وقفزة نوعية لسوق الائتمان بشكل خاص وللاقتصاد بشكل عام؛ ومنذ باشرت الشركة عملها كانت حقاً نعمة، ليس فقط لحجب الائتمان عن المتلاعبين، ولكن أيضا لمساعدة عملاء البنوك على الاستفادة من تاريخهم الائتماني الإيجابي في تخفيض تكاليف الائتمان ومساعدة المقرضين بسرعة اتخاذ القرارات وتقليل نسبة مخاطرها.
ومع ذلك قد تنقلب النعمة إلى نقمة من المجتمع إذا لم يوجد توازن وعدالة بين المدين والدائن، فلقد سمعت عن حالات (ولو كانت نادرة) يتم تشويه سمعة الشخص بضمه لقائمة المدينين المتعثرين دون علمه ودون وجود مديونية ثابتة حقاً.
ومع الأسف قد لا يكتشفها المدين مطلقاً، إلا إذا احتاج إلى الاقتراض أو إجراء أية عملية ائتمانية، ويفاجأ بوجود فاتورة هاتف نقال لم يطلبه أساساً، أو بإصدار بطاقة ائتمانية لم يُفعّلها وهلمَّ جراً، مثل هذه الممارسات قد تؤدي إلى قلب الموازين وتشويه سمعة شركة سمة ذات الهدف النبيل، فقد يكون من الملائم أن يتم الاتصال بالمدين والتأكد من المديونية قبل أن تتم إضافة اسمه إلى القائمة، فإذا جاء القاضي شخص مفقوءة إحدى عينيه فلا بد أن يرى الطرف الآخر لعل أن تكون مفقوءة كلتا عينيه (أو كما ورد في الأثر)، ملاحظة أنقلها لمسؤولي «سمة» لتكون حقاً نعمة لا نقمة وتحقق هدفها النبيل، والله أعلم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي