لقاء أعضاء مجلس الأمناء بالقراء
تزامن كل من ولادة الوعي الحقيقي لدي وعشقي للحرف في دنياي مع خطواتي الأولى في الدراسة في بريطانيا، فعندما كنت طالبة هناك قمت بالاشتراك في جريدة ''الشرق الأوسط'' بمبلغ ضخم بالنسبة لطالبة وهو 650 جنيها استرلينيا كان يمثل لي ثروة بكل معنى الكلمة، فقد كنت بعيدةً جغرافياً عن الأهل والأصحاب وأرض الذكريات. كانت الجريدة نافذتي التي تقربني من بلادي ومن أهلي، بينما كان محتواها وأخبار الوطن ينسياني ثروتي المالية التي أهدرتها في الاشتراك.
من خلالها، بدأتُ تجربة عشقي للحرف والكتابة, وذلك للمرة الأولى، حيث اكتشفتُ بين سطور الجريدة بوح النفس تفاؤلاً بما تضمره لي الليالي والأيام القادمة مع الحرف.
هنا أصل إلى بيت القصيد، فقد استضافنا الأسبوع الماضي أعضاء مجلس الأمناء للشركة السعودية للأبحاث والنشر، هذا المجلس الذي تتلخص مهمته في دعم الاستقلالية المهنية لمطبوعات الشركة، ضمن الخط الذي انتهجته المجموعة مع نخبة من مثقفي ومثقفات الوطن، للفصل بين ملكية الشركة وبين الإدارة والتحرير بطريقة تعد الأولى من نوعها في الإعلام العربي بهيكليته والمهام المنوطة به. كان اللقاء خطوة تعكس توجهات مجلس الأمناء في تحقيق الاستقرار والنجاح المهني لمطبوعاته. نعم.. كانت (سُعرات) تجربة الحوار هذه، عالية التركيز، وما رأيته في إدارة الحوار والشفافية العالية في طرح الآراء التي تسلط الضوء في رسم الواقع وتحدد المعوقات والصعوبات, وتسهم في وضع الحلول, وأجدها فرصة للاقتراح بوجود المرأة كعضو في المجلس فهي من قراء المطبوعات وكتابها. كان يرأس المجلس الدكتور محمد عبده يماني وزير الإعلام السعودي السابق والمدير السابق أيضاً لجامعة الملك عبد العزيز. لقد أثلج صدري بكلمته الترحيبية التي استهلها بتعبيره الأبوي المحبب ''الإخوة وبناتي'' وكان الدكتور يماني سراجاً لا ينضب له زيت من الألفة والأنسِ والصفاء مع الضيوف. انتقدنا في اللقاء مطبوعات ومحرري الشركة السعودية للأبحاث والنشر وجريدة ''الشرق الأوسط'' التي كانت تستهلك ثروتي يوما ما، وقدمنا مع الإخوة الأعضاء اقتراحات عديدة وأجرؤ اليوم على القول إنه لقاء استثناني بالقراء، وهنا أشد على يد كل مجتهدٍ وصانع لهذا المجلس، وأتمنى الإسراع في إنشاء مجالس أخرى على غرار مجلس الأمناء في المطبوعات العربية والمحلية، وما ذلك على عَزْمِ القادرين بعزيز.