المشكلة الدولية بمناسبة المنتدى الاقتصادي "جدة"
في مساء يوم السبت 28 كانون الثاني (يناير) 2006م نحو الساعة 11 ليلاً بتوقيت جدة، قدمت قناة بي بي سي وورلد BBC WORLD برنامج (نقاش العالم ) World debate، وقدم هذا البرنامج جلسة لمجموعة من الذين شاركوا في المنتدى الاقتصادي العالمي السابق في دافوس سويسرا لمناقشة مشكلة البطالة، والحاضرون هم مجموعة من أقوى الشخصيات القيادية العالمية في مجال الاقتصاد ورؤساء أكبر المنظمات الاقتصادية العالمية مثل رئيس منظمة العمل الدولية ورئيس منظمة السبعة الاقتصادية وزراء العمل كل من: الهند، أستراليا والصين، رئيس الوزراء المصري، ووزيرة العمل الأمريكية وبالطبع رئيس المنتدى وشخصيات قيادية أخرى من إفريقيا وأوروبا، والمحاور مذيع بريطاني كان يتنقل بالأسئلة الجريئة الجادة بينهم مثل الساحر.
والنقاش كله يدور على أن البطالة هي مشكلة عالمية تعاني منها الدول المتقدمة مثل الدول النامية، وقامت معظم الدول بعرض تجربتها في التخفيف من حدة البطالة.
وتم طرح النموذج الأمريكي إذ ذكرت وزيرة العمل الأمريكية أن ثلث قوة العمل الأمريكية (140 مليون نسمة) تغير عملها بمعدل عشرة وظائف لمن هم في سن 18 إلى 36 من العمر، وذلك بسبب التنقل لفرص أفضل في العمل وخلق وظائف جديدة و التنقل في مختلف أنحاء أمريكا وانخفضت نسبة البطالة فيها بتوفير 200 ألف وظيفة شهريا.
واعترضت العديد من الجهات على تبني النموذج الأمريكي لأن التقسيم الديموجرافي للدول مختلف عن الولايات المتحدة، ولا تستطيع الدول الأوروبية الـ 25 تبني هذا النموذج حيث إنها تعاني أصلاً من مشكلة هجرة العمالة من الدول الفقيرة الأخرى، وتفاقم مشاكل البطالة فيها للمهاجرين الشرعيين والسكان الأصليين في الدولة ومحاولة خلق وظائف جديدة هي من أكبر المشاكل التي تعاني منها دول الاتحاد الأوروبي والدول التي استطاعت تحسين الوضع هي التي فتحت أبوابها للاستثمارات الدولية الخارجية وغيرت من قوانينها وسمحت لها بالتوطن في الدولة مثل بريطانيا.
كما تعاني إيطاليا من مشكلة ارتفاع سن التقاعد بسبب ارتفاع سن الوفاة وتحسن الصحة مما يعني انخفاض فرصة الشباب في الحصول على هذه الوظائف وانتظار خلق وظائف جديدة.
ومع أن السويد وفنلندا من الدول الغنية والمستقرة والتي يتوافر بها نظام تعليمي وصحي مجاني 100 في المائة للمواطنين والوافدين إلا أنها تعاني أيضاً من البطالة بنسبة بسيطة والتي لا تعتبر بعد ظاهرة.
ومع أن الصين لا تستطيع فتح الهجرة لمواطنيها لكنها فتحت أبواب الاستثمار الدولي في مدنها مما خلق وظائف لهذا الكم الهائل من البشر وحولها إلى قوة اقتصادية كبرى هذا بالرغم من تدني مستوى الأجور فيها.
وكما وضح رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي أنه لا توجد رغبة سياسية جادة من الدول لتحسين وضع البطالة فيها، وأن الخطوات في هذا الصدد بطيئة ومن أهم العلامات على ذلك هو عدم فتح الأبواب أمام الاستثمار الأجنبي في هذه الدول التي تعاني من نسب مرتفعة من البطالة، وأن الدول التي فتحت أبوابها للاستثمار الأجنبي والدولي هي التي تتمتع بأقل النسب في البطالة و استطاعت خلق وظائف جديدة لشبابها.
ومن الخطأ الاعتقاد بأن المسؤولية تقع فقط على القطاع الخاص بل لا يزال القطاع الحكومي يلعب دوراً كبيرا في تخفيض نسبة البطالة في كل دولة.
كما تحدث رجل الأعمال الإماراتي المعروف محمد العبار رئيس شركة إعمار العقارية في الإمارات عن أنه لا بد من الأخذ في الاعتبار الفرق بين الدول النامية و الدول المتقدمة عند معالجة هذه المشكلة العالمية وأن الحل لدولة قد لا يناسب دولة أخرى.
بينما طرح رئيس الوزراء المصري حلولا مناسبة للدول النامية التي بدأ العمل بها في مصر وهي:
التشجيع الحكومي لبيئة الاستثمار الدولي الخارجي في البلاد.
تشجيع القطاع الخاص على رعاية برامج إنشاء المشاريع الصغيرة.
الاستثمار وبسرعة أكبر في رأس المال البشري.
هذه كانت إحدى جلسات المنتدى الاقتصادي العالمي.
وعلى قدر قوة الموضوع وقوة معرفة الشخصيات المشتركة في النقاش بحجم المشكلة على المستوى الوطني لكل دولة، إلا أنهم في الواقع لم يخرجوا بتوصيات عالمية خيالية لإصلاح العالم ككل، بل الجميع متفق على أنها مشكلة عالمية تختلف نسبة خطورتها من دولة إلى أخرى والعلاج يكمن في يد الدولة نفسها وليس الاعتماد فقط على المؤسسات الدولية المساعدة، وتستطيع كل دولة الاستفادة من تجارب الدول الأخرى ولكن هذا لا يعني تطبيقها كلياً أو جزئياً.
والدرس المستفاد هنا هو متعة النقاش الواقعي كأشخاص ومعلومات، فهل نستطيع رؤية أو سماع مثل هذا النقاش في منتدى جدة الاقتصادي؟