شوكلاتة بدون كاكاو

«حتى في أيام الكساد، معظم الدول التي اتبعت نصائحنا استطاعت أن تحقق نموا في إيراداتها»
آن غروكر, إخصائية التجارة الدولية في البنك الدولي.
بالطبع السيدة كروغر تقصد دولا معينة تنتمي إلى المنظومة القوية التي أفادت من حاجات الدول النامية. المثال الذي أوردته الإخصائية الاقتصادية يعود إلى الفترة بين 1974 و1977، التي مر بها العالم بفترة من الركود. الوصفة التي طبقت حينها كانت لتشجيع الطلب على البضائع المكدسة في المصانع الأوروبية، حيث حاولت بعض بلدان القارة العجوز زيادة إقراض الدول النامية. ومُررت تلك القروض بفضل جاذبية أسعار الفائدة المنخفضة، لكنها كانت على شكل اعتمادات تصدير. أي أن تلتزم الدول المقترضة شراء معدات صناعية أو أي منتجات أخرى من مصانع البلدان المقرضة، وأن توظف خبراء من تلك البلدان، حتى تحل جزءا من أزمة العاطلين عن العمل من أبنائها وتصدرهم إلى البلدان النامية. مع اشتراط تمتعهم برواتب عالية وشروط إقامة مرتفعة، لا يحصلها أبناء البلد أنفسهم. لكن ما أغفلته السيدة كروغر, كان ارتفاع ديون تلك البلدان المستدينة بنسبة 20 في المائة بين 1976 و1980.
كانت تطلعات المستدينين من تلك الاتفاقيات مختلفة عن أهداف الدول المدينة، فلجوؤها للاقتراض كانت غايته الأساسية تمويل مشاريع البنى التحتية من المواد التي تصنعها الدول المقرضة, والهدف الثاني أن تقديم القروض كان للمساعدة على خفض عجز ميزان مدفوعاتها. لكن بعد مرور السنين تحولت تلك الديون إلى تبعية أكبر للسوق العالمية عن طريق تورطها بتحويل زراعاتها ومنتجاتها المحلية إلى أسواق التصدير، كي تستطيع تحصيل عملة صعبة لتسديد أقساط الديون المترتبة عليها. وكان أكثر العوامل سلبية أن تلك البلدان توجهت إلى أن تكون متخصصة بإنتاج كميات أكبر من سلع التصدير, على حساب سلع الاستهلاك المحلي، وهذا ما يجعلها أكثر هشاشة لأي ظروف طارئة إن كانت مناخية أو اقتصادية أو سياسية.
من ضمن نصائح البنك الدولي لبعض الدول الفقيرة، أن تركز زراعاتها على سلع معينة تحتاج إليها أسواق التصدير مثل الكاكاو الذي تفرد له مساحات هائلة من أراضي كثير من الدول الفقيرة على حساب زراعات أكثر أهمية لجياع تلك البلدان، مثل القمح والشعير والخضار، بحجة أنه سلعة مرغوبة في سوق الصادرات. لكن لم تتدخل المؤسسة الدولية لمساعدة هؤلاء الجياع من دول الكاكاو وتحاول الحد من انخفاض أسعاره، بسبب تراجع حجم الصادرات الموجهة إلى مصانع الشوكلاتة الأوروبية بعد أن سمحت المفوضية الأوروبية لصانعي الشوكلاتة بإحلال مواد دسمة بحدود 5 في المائة من وزن المنتج الصافي محل زبدة الكاكاو التي يتم تركيبها من الكاكاو.
أي أن مصانع الشوكلاتة خفضت من نسبة الكاكاو السابقة واستبدلته بمواد دسمة بديلة.
المضحك المبكي أن التوصية الدولية لمزارعي الكاكاو هي في الاستدانة مجددا لتمويل النقص الحاصل من إيرادات التصدير، «توصية عبقرية ....... كالعادة!!!».

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي