أغبى من دود الغيطان
«قصرك المسحور, غيلانه
أغبى من دود الغيطان
بعد مص الغصن الاخضر
ينحتوا عضم العيدان»
من قصيدة «كلمتين لمصر» للشاعر أحمد فؤاد نجم. في وصفه لجور طبقة الأثرياء على ثروات البلد، وأكلها الأخضر واليابس، التي ترافقت مع دخول البلد عصر الانفتاح.
وحتى في أعراف المزارعين القديمة أنه عند حصاد القمح يجب ترك بعض السنابل، لتتغذى عليها الطيور أو الدواب، التي قد تعبر الأرض. لكن يبدو أنه عندما يعطى البشر كل الحريات والسلطات فلن يكونوا أحسن من الغيلان التي تلتهم كل ما أمامها. وما تزال سياسة الانفتاح المنفلت التي يلجأ إليها كثير من البلدان في منطقة الشرق الأوسط تظهر أسوأ ما في نفوس الكثيرين من جشع ونهم.
طوال هذا الأسبوع المحزن بأحداثه المأساوية على أرض الكنانة, أجريت عديدا من اللقاءات مع مديرين وخبراء من عديد من المؤسسات الدولية ومؤسسات التصنيف. التي تتولى حاليا تخفيض تصنيفات مصر، تماشيا مع اضطرابات الشارع، وأبديت استغرابي من عدم قلقهم من مستويات البطالة بين الشباب والجامعيين عندما كانوا يعلنون أن الأوضاع على خير ما يرام، طالما نسبة النمو فوق الـ 3 في المائة.
كانت تبريراتهم تصب في أن البيانات الرسمية التي تأتي من المسؤولين وأصحاب الأعمال تعطيهم تصورات إيجابية عن الخطط الموضوعة, للفترة المقبلة في تحسين أداء الاقتصاد. وأن تلك الخطط تسير وفق الجدول الزمني المطلوب من صندوق النقد والبنك الدوليين في تسريع عجلة الانفتاح الذي جلب الرفاه للبلاد، وستستطيع تلك السياسات عاجلا ـــ بحسب رأيهم ـــ أن تزيد من نسبة الوظائف وتحسن أوضاع الناس المعيشية. لكن الخبراء لم ينكروا أن متابعتهم كانت مقصورة على نسب النمو ولم تتعدَ إلى توزيع الإيرادات التي استحصلت من بيع القطاع العام لزمرة من رجال الأعمال. لكن المأخذ الأكبر الذي حذر منه الخبراء كان في أرقام عجز الميزانية، الذي تم تبريره رسميا بزيادة المواليد, وهو البند الذي تحمل كل أخطاء عجز الميزانية، لكن لم تذكر التقارير أنه إضافة إلى الانفجار السكاني هناك النفقات الحكومية الباهظة والمصاريف غير المبررة على الكماليات وكثرة عدد السيارات الفارهة المخصصة للمسؤولين وزوجاتهم وأولادهم.
وعادة ما تتلازم فترات الانفتاح مع ظهور أكوام المجلات التي يتبارى على تصدر أغلفتها نجوم الفن ورجال الأعمال البارعون في كل المجالات.
لكن:
«اللي خلا الارض خضرا
واللي خلا الدار أمان
عاش بجوعه ملو جوفه».