مفاهيم سكانية خاطئة!
في هذه المقالة المختصرة سأتطرق إلى بعض المفاهيم السكانية التي تستخدم استخداماً غير دقيق أو تُفسر بشكل خاطئ، مما يؤدي إلى التباس في الفهم واضطراب في المصطلح، ليس بين المتخصصين ولكن لدى عموم القراء. وفي الحقيقة أكتب هذه المقالة بتوصية من مجلس إدارة الجمعية السعودية للدراسات السكانية لنشر الثقافة السكانية. وسأتناول هذا اليوم المفاهيم التالية:
• معدل النمو السكاني يمكن أن يكون موجباً أو حتى سالباً، والقول بانخفاض النمو السكاني في المملكة عما كان عليه في فترة ماضية لا يعني – أبداً - أن السكان يتناقصون كما يتبادر للبعض، ولكن يعني أن معدل زيادتهم أصبح أقل مما كان عليه. فعلى سبيل المثال، انخفض معدل نمو السكان السعوديين من 2.4 في المائة خلال الفترة 1992-2004م إلى 2.1 في المائة خلال الفترة 2004 - 2010م وذلك بناء على بيانات التعدادات السكانية الثلاثة في الأعوام 1992م و2004م و2010م. والقول بهذا الانخفاض الطفيف لا يعني تناقص عدد السكان وإنما المقصود أن مقدار زيادتهم أصبح أقل مما كان عليه. وتجدر الإشارة إلى أن معدل النمو السكاني العالمي 1.2 في المائة سنوياً، وهذا يترجم إلى زيادة في عدد سكان العالم مقدارها 83 مليونا سنوياً، أي أن سكان العالم يزداد سنوياً بحجم سكان مصر تقريباً.
- تنظيم الأسرة لا يعني بالضرورة تحديد النسل، ولكنه مفهوم عام يشمل أموراً متعددة، منها تأجيل الحمل لسنوات معينة أو إطالة الفترة الفاصلة بين مولود وآخر، ومنها كذلك تحديد النسل بعدد معين. ومع قلة البيانات عن الإنجاب في المملكة، فإن نسبة النساء المستخدمات وسائل تنظيم الأسرة في المملكة تقدر بنحو 30 في المائة، يقابلها نحو 61 في المائة من النساء في سن الإنجاب على مستوى العالم اللواتي يستخدمن وسائل تنظيم الأسرة الحديثة كحبوب منع الحمل واللولب أو الوسائل القديمة كالعزل والعدة ونحوهما.
- السياسة السكانية لا تعني بالضرورة السياسات التي تحدد النسل كسياسة الطفل الواحد في الصين، بل تعني الإجراءات الظاهرة والضمنية التي تتخذها الدول لتشجيع الإنجاب أو الحد منه أو إعادة توزيع السكان والحد من الهجرة أو تشجيعها تجاه مناطق معينة، وقد تشمل أموراً أخرى كثيرة. وتجدر الإشارة إلى أن وزارة الاقتصاد والتخطيط تعكف حالياً على وضع اللمسات الأخيرة على السياسة السكانية للمملكة التي ستكون – بإذن الله - شاملة لجوانب كثيرة كنمو السكان والتعليم والشباب والإنجاب والهجرة والمرأة وغيرها.
- الكثافة السكانية لا تعني الحجم السكاني، كما يتحدث البعض أحياناً، فيقول بعضهم إن الكثافة السكانية في مصر تُعد الأعلى بين الدول العربية ويقصدون بذلك حجم السكان وليس الكثافة. وهناك دول حجم سكانها كبير كالولايات المتحدة (312 مليون نسمة)، ولكن الكثافة السكانية منخفضة بحيث لا تتجاوز 32 نسمة في الكيلومتر المربع، وأخرى عدد سكانها قليل كالبحرين (مليون نسمة أو يزيد قليلاً) ولكن الكثافة السكانية مرتفعة (1825 نسمة في الكيلومتر المربع). وعلى الرغم من أن الكثافة السكانية تستخدم كمؤشر للعلاقة بين السكان والموارد، فإنها لا تدل على ذلك في كثير من الأحيان فالكثافة السكانية تزيد على 300 نسمة في الكيلومتر المربع في كل من اليابان والهند وهولندا وكوريا ورواندا وسريلانكا، ولكن شتان بين المستوى المعيشي في كل من هذه الدول.
في الختام يسرني التنويه بأن الجمعية السعودية للدراسات السكانية (SAPS) على استعداد لاستقبال أي استفسارات ذات صلة بالمفاهيم والمعلومات والدراسات السكانية من خلال موقعها أو عن طريق بريدها الإلكتروني ([email protected]). ولا يفوتني بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك أن أقدم التهاني للقراء الكرام، داعياً المولى القدير أن يعيده على الجميع بالخير والأمن والسلام.