كراسي أبحاث المصرفية الإسلامية

لقد استبشرت كما استبشر كثير من المهتمين بقضايا المصرفية الإسلامية عند إنشاء كراسي البحث العلمي المتخصصة في مجال المصرفية الإسلامية والتمويل الإسلامي، لقد كنا ننتظر مثل هذه الكراسي العلمية أن ترى النور، فالعلم أساس التقدم وأساس الحضارات، والبحث العلمي هو الطريق الموصل للتقدم المنشود، والأمم تقاس باهتمامها بالعلم، لهذا ترى الأمم تتنافس في زيادة نسبة الصرف على البحث العلمي من إجمالي الناتج القومي؛ لأنه استثمار آمن وله نتائج إيجابية محققة. والمصرفية الإسلامية تحتاج إلى أبحاث ودراسات متعددة، فهي تعاني مشاكل وعقبات تكلم عنها كثيراً المتخصصون، لكن هل عالجت كراسي البحث المشكلات والعقبات؟ وهل حاولت إيجاد الحلول ووضع النقاط على الحروف؟ هل شخصت الداء وبينت هل يوجد انحراف في مسيرة المصرفية الإسلامية أم لا؟ هل المصرفية الإسلامية تسير في الطريق الصحيح أم لا؟ أين الأبحاث والدراسات التي توجد الحلول والبدائل لمنتجات المصرفية الإسلامية؟ أين الدراسات التي تحاول تطوير المنتجات في المصارف الإسلامية؟ هل رصدت كراسي البحث بدقة مسيرة المصرفية الإسلامية أم أنها تغرد خارج السرب؟ هل ساهمت كراسي البحث في تطوير أداء ومسيرة البنوك الإسلامية؟ وهل نجحت في تكوين شراكة مع المصارف الإسلامية لتطوير أداء وعمل هذه المصارف؟
من المؤسف أنه منذ إنشاء الكراسي البحثية مع وجود الدعم لها من قبل شركات، بل أفراد يهتمون بالمصرفية الإسلامية، لم تؤت كراسي البحث العلمي نتائجها ولم تحقق الهدف المرجو منها على الرغم من وجود الباحثين ومن وجود الدعم! والحقيقة أن هناك أسئلة كثيرة أكثر مما طرحت تنتظر كراسي البحث، التي نحن المتخصصين في المصرفية الإسلامية نحتاج إليها بشكل واسع وكبير، فالدور والعمل الذي ينتظر القائمين في كراسي البحث كبير وكثير، بل حتى الداعمون ينتظرون النتائج لبذل المزيد من الدعم، فنحن لا نريد أن تكون الكراسي موضة أو تقليعة جامعية خرجت لتندثر في فترة وجيزة، إنما نريد لها النماء والازدهار والتطور من أجل تحقيق مستقبل أفضل للمصرفية الإسلامية. وإنني لا أشكك أبداً في قدرة وإمكانات القائمين عليها، لكن نريد أن تظهر هذه الإمكانات والقدرات واقعاً ملموساً يراه الجميع ويشاهده حقيقة واضحة للعيان. إنه ما من شك أن هناك عقبات قد تواجه القائمين والعاملين في الكراسي، لكن هذا طبيعة أي عمل لا بد فيه من المصاعب، وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأبدان.
لقد كثر النقد الموجه للمصرفية الإسلامية وبدأت المصرفية الإسلامية تفقد لمعانها وبريقها بسبب كثرة النقد تارة وبسبب عدم التجديد والابتكار تارة حتى بدأ يصيبها الجمود والركود وهي في عز شبابها وقوتها؛ لهذا أصبح لزاماً على القائمين على الكراسي البحثية وكل من له اهتمام بالمصرفية الإسلامية أن يسعى جاداً في تطوير المسيرة وأن يسهم بالابتكار والتجديد حتى يعود للمصرفية الإسلامية شبابها وقوتها حتى يظهر نفعها على الفرد والمجتمع. وعلى جميع العاملين في ميدان المصرفية الإسلامية محاولة تذليل العقبات من أجل تطبيق منتجات المصرفية الإسلامية المبتكرة وعدم الركون إلى منتجات محددة لا تسهم في التطوير والمنافسة العالمية، فالمضمار مملوء بالمنافسة وسباق الأمم لا يرحم، خاصة أن المصرفية الإسلامية مسؤولية الجميع وليست مسؤولية الكراسي العلمية.