الواصل .. التصدي للصغير قبل الكبير

الواصل شخصية هزلية قدمها الفنان السعودي راشد الشمراني في شهر رمضان المنصرم وفي عدة رمضانات سابقة، يقدم من خلال هذا الدور قدرته الفائقة إلى درجة المبالغة في تجاوز الأنظمة والوصول لكل ممنوع، كما أن لديه القدرة على الخروج من أي مأزق يواجهه والتغلب على أية عقبات تعترض تحقيق مبتغاه عبر علاقاته الواسعة مع المسؤولين ومتخذي القرار.
المشاهدات الواقعية والمعايشات اليومية ترينا كثيرا من الواصلين في مجتمعنا الذين لهم القدرة على تجاوز الأنظمة وتحدي القوانين، تجد هؤلاء يقودون سيارات فاخرة ذات الدفع الرباعي بعد أن تم تغيير ألوانها إلى ألوان نادرة مثل الوردي أو الذهبي كما تم ترفيع السيارة فتصبح كأنها حشرة عنكبوتية، ثم تم إلغاء كاتم الصوت من العادم فتصبح مصدراً هائلاً للضجيج والإزعاج، خصوصًا أنها تنطلق بين السيارات الأخرى كأنها في حلبة سباق، ثم تتجاوز كل السيارات الواقفة خلف الإشارة الحمراء من اليمين حتى تتوقف أمام الجميع، وبالتأكيد أن خط المشاة قد تم تجاوزه، أما قائد تلك السيارة فلا يمكن رؤيته حيث غطى الزجاج بعازل أسود بما فيه الزجاج الأمامي؛ لكن يمكن تخيله من خلال رسم صورة تقريبية له فهو شاب وسيم مترهل يرتدي بنطالا قصيرا إلى ركبته وتشيرت علاقي بألوان فاقعة وله شعر منسدل على وجهه ويحزمه من أعلى رأسه بطوق ليمنع وصوله إلى عينيه اللتين غطاهما بنظارات سوداء، وأخيرًا عمره يراوح بين 16 و32 عامًا، أما عمره العقلي فلا يتجاوز مرحلة الطفولة المتأخرة.
غني عن القول أن من نتحدث عنه هو الواصل الصغير أما الواصل الكبير الذي يغدق عليه الدعم والحماية فقد وصل إلى ما وصل إليه من الثراء الفاحش والبطر عن طريق تمكنه من بيع حي سكني وهمي، إذ لم تصل إليه خدمات الصرف الصحي وتصريف المياه والإنارة وغيرها من الخدمات التي عانى ساكنو الحي لسنوات طويلة تصل إلى السنوات التي قضوها يدخرون من رواتبهم الشهرية ثم قدموها طائعين لقمةً سائغةً للواصل الكبير، وتكاثرت اللقمات التي ابتلعها حتى تضخمت أوداجه وكبر بطنه فأصبح لا يستطيع أن يتكلم بكلمتين متتابعتين دون أن يتوقف بينهما ليسترد أنفاسه ويتنحنح.
إننا ما لم نتصد للواصل الصغير قبل الكبير فسنصل إلى درك متردٍ في مسيرة التنمية، فهؤلاء يغتالون كل طموحاتنا وآمالنا، إن المسؤولية ملقاة على عائق الجميع، رجل المرور في الشارع ومسؤول التراخيص في البلدية، وعميد القبول في الجامعة ومدير إدارة العقود والمناقصات في الوزارة للوقوف في وجه كل خللٍ صغيرٍ أم كبير لنقضي على الواصل الكبير والواصل الصغير قبل أن يقضيا علينا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي