معالي السيد يوتيوب

يبدو أن الشباب السعودي يعيش ويتعايش مع المتغيرات العصرية السريعة بطريقة تناسب احتياجاتهم وتلبي رغباتهم وتطرح نوعية حياتهم، وصار لهم منابر لرسائل واضحة ومواهب طامحة وشعبية جارفة، أساسها إيمانهم بقدرتهم على المشاركة في رسم مستقبل حياتهم بعيدا عن البيروقراطية والاستراتيجيات المنسية في أدراج القطاعات الحكومية. القطاعات الثقيلة التي تواجه صعوبة كبيرة في مواكبة خفة ومرونة وسرعة حركة شباب العصر وقادة المستقبل، لتجد نفسها متأخرة بعد أن كانت متقدمة.
إن مجرد قضاء وقت لمشاهدة المقاطع الكوميدية الخفيفة والساخرة والمرحة والهادفة لشباب استطاع كسر حواجز الممنوع المرغوب في التعاطي مع القضايا الاجتماعية، ومحظورات النقاش العام، يجعلك تقف مشدودا ومبهورا بما يمتلكه شبابنا من قدرات ومن ثقة كبيرة في طرح القضايا وبعض الحلول، ولعل أعظم المكاسب - من وجهة نظري ومن خلال معايشتي لكثير منهم سواء من خلال منتدى الشباب منتدى الغد أو من خلال مشاركتي في عدد من المبادرات ذات العلاقة بالشباب - أقول إن أهم المكاسب هي في الحس الوطني العالي لأولئك الشباب عندما يطرحون قضاياهم وتحديات مستقبلهم، وهذا يجعلني أشعر بالفخر لما يملكه شباب وطني من شعور بالمسؤولية تجاه وطنهم ومجتمعهم وجيلهم، ومن إتقان واحترافية في التعاطي مع مشاريعهم وأفكارهم وطموحاتهم، بعيدا عن تبني أي أفكار مرجعية أو أيديولوجيات معينة.
معالي السيد يوتيوب كان عنصرا مهما في جعل الشباب علامة فارقة على الخريطة، ولونا جميلا على الصورة المحلية للقضايا الشبابية. فقط لأنه أعطاهم المساحة التي كان ممكن إعطاؤها قبل زمان من ولادة السيد يوتيوب، لكن قدر الله وما شاء فعل، وأتت ثمرة التقنية والانفتاح التقني في المملكة لتفتح الباب الكبير للجيل المعاصر، ليضع بصمته على الطريق. إن مجرد دق ''مسامير'' مالك نجر، أو ''على طاير'' عمر حسين، أو ''لا يكثر'' فهد البتيري، وكثير من الأسماء الرائعة التي بنت بنفسها نجاحها رغم ضعف إمكاناتها وضيق مساحة حريتها، إلا أنها وسعت الآفاق وحافظت على الأدب والأخلاق، وأسست لنفسها مسارا للعمل والكسب والمبادرة، والأمثلة كثيرة لتجارب ''يوتيوبية'' أخرى تناقش قضايا متعددة وتعطي أفكارا رائعة حول التطوع والابتكار التقني والفني.
إن تجربة اليو تيوب الشبابية السعودية، مجرد مثال بسيط لما يملكه الشباب من قدرات، كان قدر بعضها أنها وجدت القناة الصحيحة لتفريغها وتطويرها والاستفادة من وقتها في عمل يضيف لهم على المستوى الشخصي ويضيف للحراك الشبابي المحلي، يعود بالفائدة على الوطن. وحسن حظنا أننا استطعنا أن نرى جانبا إيجابيا ومشرقا لشبابنا.
الخلاصة، أننا اليوم في حاجة إلى ''يوتيوب'' في كل قطاع ليفتح الباب أمام تذليل الصعاب التي تقف في طريق نجاح الشباب، ونحتاج إلى زحزحة مومياء البيروقراطية واستبدالها بأفكار عصرية تساعدنا على الاستفادة من قدرات شبابنا لبناء مستقبل أكثر إشراقا وأقوى أساسا. واليوم المسؤولية مشتركة من الجميع (القطاعات الحكومية وقطاع الأعمال والمجتمع والقطاعات التعليمية ... إلخ) لإيجاد الدعم الصحيح والتوجيه المريح ليرسم الشباب مستقبلهم ومستقبل وطنهم.
وفي الختام الشكر ''لمعالي'' الدكتور - الأستاذ يوتيوب على دعمه المستمر لشبابنا وعلى إعطائنا أمثلة على وجود كنوز شبابية سعودية، والأمل أن يتسع المجال لمناطق أخرى من أفق الحوار، تعطينا مجالا أرحب للتفاؤل بأن مشاركة الشباب في المستقبل مسألة وقت، وأن يكون الحاضر ماسحا لإحباطات الماضي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي