المرأة .. والهيئة!
لماذا يركز رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أعمالهم الميدانية على محيط النساء في الأسواق أو أي نشاط نسائي ثقافي أو حتى خيري تقوم به النسوة خاصة في هذه المرحلة المهمة من تقدم المرأة السعودية في جميع مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ـــ مجلس الشورى والمجلس البلدي ــ بينما يوجد منكر ظاهر في الميدان أمام أنظار رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الغش التجاري.. إنه غش تجاري قاتل بمعنى الكلمة.. هناك من يبيع - وعلى عينك يا تاجر - قطع غيار فرامل السيارات المغشوشة، وهناك من يبيع أدوية الأطفال المغشوشة، وهناك من يبيع أغذية فاسدة ومغشوشة... إلخ، وكل هذه الجرائم تؤدي إلى الموت فعلا وليس مجازا.. وتتم هذه الجرائم القاتلة في الأسواق التجارية، أي في الأماكن التي يوجد فيها رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بكثافة ليلا ونهارا، وهي الأماكن نفسها التي يركز عليها رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نشاطهم وصولاتهم وجولاتهم.. والسؤال الذي يفرض نفسه لماذا لا يقوم رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمحاربة جرائم المنكر الظاهر وأعني به الغش التجاري، الذي هو أساس عمل الحسبة في صدر الإسلام.. أي مراقبة الغش التجاري في الأسواق.. أليس هذا أجدى وأنفع من الدخول في متاهات الأنشطة النسائية مثلما حدث في الأحساء للسيدة الفاضلة الأستاذة لطيفة العفالق رئيسة مجلس إدارة جمعية فتاة الأحساء التنموية الخيرية من قبل أحد أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي قام حسبما نشر في جريدة "الرياض" في 27/2/2012 بسحب جوالها والتهجم عليها ومسك يدها بعنف، كما قالت السيدة الفاضلة في شكواها إن الجوال يحتوي على صور لأسرتي... إلخ.
والمشكلة بدأت عندما حاولت السيدة لطيفة توثيق تصرف العضو الذي كان يتحدث بفوقية وتكابر وعدم احترام للآخرين في الموقع، ولكنه "استولى على هاتفي الخاص... إلخ".
وطالما أن الموضوع تحت التحقيق الآن نلفت انتباه لجنة التحقيق إلى التالي:
كيف يدخل رجل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو غيرها من الجهات الحكومية على محفل نسائي مصرح له من الجهات المعنية؟ وهل يحق له أو لغيره التهجم على سيدة وأخذ جوالها بالقوة من يدها.. وهل يحق تفتيش جوال أي شخص دون إذن قضائي.. الجوال اليوم ليس هاتفا فقط.. إنه يحتوي على كثير من خصوصيات الناس الخاصة والمالية وكثير من الأسرار التي هي حق مصون للجميع.. ولا يتم تفتيش الجوال إلا بحكم قضائي.
في الختام: ألفت انتباه لجنة التحقيق الموقرة في هذه الحادثة المفجعة.. إلى أن السيدة الفاضلة لطيفة العفالق تعمل في المجال الخيري منذ أكثر من 30 عاما.. واللبيب بالإشارة يفهم!