التحدي الذي يواجه الإخوان

سواء فاز المرشح الإخواني أو مرشح العسكر في الانتخابات الرئاسية المصرية الوشيكة، فالمؤكد أن الإخوان سيشكلون الحكومة المقبلة، نظرا لهيمنتهم على البرلمان. هذا يضعنا أمام تجربة فريدة. سيكون على الإسلاميين المقبلين إلى السلطة مواجهة إشكالات عديدة، نشير هنا إلى اثنين منها: الطائفية والسياحة.
منذ عهد الرئيس الأسبق أنور السادات، شكا الأقباط المصريون من سياسة تمييز رسمي معلنة حينا ومكتومة في أغلب الأحيان، جعلتهم ـــ بحسب منطق الأمور ـــ مواطنين من الدرجة الثانية. كانت السلطة ـــ يومئذ ـــ علمانية فلم يكن بالوسع اتهامها بالتحيز الديني.
أما اليوم فإن على حكومة خرجت من صناديق الانتخاب أن تقدم نموذجا مختلفا. نموذج يتعامل مع المسلم والمسيحي باعتبارهما مواطنين لا أتباع ديانات. لم أستغرب الميل الجارف عند الأقباط للتصويت ضد مرشح الإخوان. فالتراث الذي ينتمي إليه، والثقافة السائدة في بيئته الاجتماعية، تنظر لكل مختلف باعتباره أدنى شأنا. ولهذا لا يلام ''المختلف'' إذا شعر بالقلق على مستقبله، حتى لو كان ماضيه سيئا وبغيضا.
تقول بعض التقارير إن المرشح الإخواني وعد بتعيين قبطي نائبا للرئيس. وهذه خطوة ستكون مؤثرة بالتأكيد في تطمين هذه الشريحة. لكنها خطوة واحدة فحسب. يتوجب على حزب الحرية والعدالة ومرشحه أن يقدم وعدا قطعيا بإصلاح القانون على نحو يحول دون التمييز بين المصريين، وإلغاء جميع اللوائح والتعليمات التي تجيزه أو تسهل ممارسته.
التحدي الثاني الذي يتوجب على الإخوان مواجهته هو الاقتصاد. سيكون على رجال الحكومة الجديدة ممارسة ضغط شديد على أنفسهم حين يضعون السياسات الخاصة بحماية وتشجيع السياحة مثلا. يساهم هذا القطاع بنحو 12 في المائة من الناتج القومي الإجمالي، ونحو 20 في المائة من الدخل الخارجي للبلاد، وهي توفر نحو أربعة ملايين وظيفة.
لم يكن قطاع السياحة محبوبا عند الإسلاميين. وقد نظروا إليه دائما كبؤرة للفساد. لكنهم مضطرون اليوم إلى التعامل معه كمورد اقتصادي تستحيل الاستهانة به، إذ يستحيل عمليا التعويض عنه في المدى القصير والمتوسط.
أفترض أن الحكام الجدد مؤمنون بالواقعية السياسية. فهم بالتأكيد يعرفون أن العمل في السلطة لا يشابه الحديث في المساجد وحلقات التربية الحركية. لكن هذه لن تكون مهمة سهلة. فلديهم جمهور سبق إقناعه بأن ''الحكم الإسلامي'' سيأتي بالمن والسلوى، وسيكون ''نظيفا'' من كل مكروه. ويظن كثير من هذا الجمهور أن مهمة كهذه لا بد أن تتحقق في أسابيع إذا امتلكت صولجان الحكم.
خلاصة القول إن الإسلاميين المصريين، ومن يتأثر بهم خارج الحدود، يبنون قصورا من الآمال. لكنهم سيواجهون تحديات صعبة، وقد تكون قاتلة. لهذا فمن الخير لهم أن يضعوا في اعتبارهم أسوأ السيناريوهات، وأن يتحاشوا الانفراد بالقرار، كي لا يتحملوا وحدهم ثمن الإخفاقات، وبعضها متحقق دون شك، في هذه الظروف التي تتسم بانعدام اليقين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي