كي يكون الرهن العقاري عامل نجاح

أُقر الأسبوع الماضي نظام الرهن العقاري، حيث استقبله المعنيون بارتياح وترحاب لما عُرف له من ميز اقتصادية إيجابية ستنعكس على سوق العقار وكذا سوق التمويل، حيث يأتي بعد طول انتظار، وذلك طمعاً في خروج نظام متكامل رصين، مستفيداً - بلا شك - من تجارب الدول المتقدمة في هذا المضمار، ومتناغماً مع بعض الخصوصيات للاقتصاد المحلي. وكان نظام الرهن العقاري مطلباً قديماً لضرورة وجوده وأهميته، خصوصاً لسوق العقار على وجه التحديد، الذي يعتبر نظرياً الركن الثالث الذي يتكئ عليه الاقتصاد إلى جانب الركنين الآخرين سوق التأمين وسوق الأسهم.
والحديث يطول عن سوق العقار بشكل عام إلا أننا سنركز قليلاً على بعض الجوانب في نظام الرهن العقاري وبالذات استدراك ما يضمن نجاحه. إن الأنظمة مهما كانت متكاملة إلا أن واقع الحال لا يضمن عدم وجود خلل فيها قد يؤدي إلى كوارث غير مسبوقة، فمثلاً الانهيار المالي في الاقتصاد الأمريكي من أزمة الرهن العقاري ليست بعيدة تاريخياً، علماً بأننا نتحدث عن أكبر الاقتصادات تقدماً، إلا أنه لم يكن بمنأى عن مثل هذه المشكلات، التي وصل آثار دمارها إلى ما وراء البحار ولم يقتصر الدمار على الاقتصاد الأمريكي، إضافة إلى ذلك حتى إن كانت الأنظمة تشرف عليها هيئات رقابية مهنية محترفة إلا أنه يبقى وجود ثغرات فيها يستغلها بعض المشتغلين في هذه الصناعة لمصالحهم الشخصية، ولا أدل على ذلك من قضية بنك باركليز الأسبوع الماضي في بريطانيا.
إنني أدعو إلى الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة دائماً، خصوصاً فيما يستجد عندنا من أنظمة أو صناعة، والأخذ بما رشح من إكمال للمنظومة التشريعية والتنفيذية التي وضعت للحيلولة دون وقوع هذه الكارثة أو تلك. إن تاريخنا في الأنظمة المالية يدعو إلى أن نكون أكثر صرامة في قضية الرهن العقاري لكيلا نكرر مأساة سوق الأسهم أو مشكلات سوق التأمين، حيث يجب ألا نلقي باللائمة على حداثة التجربة، فليس من الضرورة بمكان دائماً أن نخفق في المرة الأولى كي نقول إننا نتعلم من أخطائنا.
إن نظام الرهن العقاري سيطول سوق العقار وسوق التمويل، وهما من أهم ما يمس حياة المجتمع، لذا فالمطالبة بهذا النظام يجب ألا تكون على حساب الخطأ في تطبيقه، وبالتالي التأكد من انضباطيته بشكل مهني عالي الاحتراف وإلا فسنكرر الكارثة تلو الأخرى على الاقتصاد بعد أن كنا ننتظر أن تكون حلاً جذرياً لمشكلات اقتصادية كبيرة.