أين منظمة التعاون الإسلامي اقتصادياً؟

منظمة التعاون الإسلامي هي منظمة دولية قامت بعد حوالي شهر من حريق المسجد الأقصى في 2/8/69م في الرباط وتطورت كمؤسسة دولية، حيث عملت على تحقيق الأهداف التي رسمها لها المؤسسون في البداية ومن ثم تطورت ليصل أعضاؤها إلى (57) دولة واكتمل هيكلها التنظيمي بتعيين أمين عام لها واُختيرت مدينة جدة مقراً لها بانتظار تحرير القدس، حيث سيكون المقر الدائم لهذه المنظمة الدولية التي تهدف بالدرجة الأولى إلى جمع كلمة المسلمين والعمل على الارتقاء والتقدم بهم وجعلهم في مقدمة الأمم. ولن نسرد هنا تاريخية القمم التي عقدتها المنظمة وما تمخض عنها من قرارات، بل سنركز على دورها في الجانب الاقتصادي، والذي أظنه لا يقل أهمية عن الجانب السياسي.
ولذا فلمنظمة التعاون الإسلامي تقريباً جهاز اقتصادي واحد على الأقل من كل نوع من التنظيمات الإدارية. فمثلما ورد في ويكيبيديا نجد أن لها من اللجان الدائمة لجنة دائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري (كومسيك) ويرأسها رئيس الجمهورية التركية. كما توجد ثلاثة أجهزة متفرعة، هي: مركز البحوث الإحصائية والاقتصادية والاجتماعية والتدريب للدول الإسلامية ومركزه أنقرة في تركيا، والمركز الإسلامي لتنمية التجارة في الدار البيضاء في المغرب، وصندوق التضامن الإسلامي ووقفه في جدة في السعودية. وعلى مستوى المؤسسات والأجهزة المتخصّصة هناك أشهر ما يُعرف لدى الكثير من الناس وهو البنك الإسلامي للتنمية، ومقره جدة، وأخيراً تُوجد في كراتشي في باكستان الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة كواحدة من المؤسسات التابعة للمنظمة. وكل هذه اللجان أو المؤسسات والأجهزة المتخصّصة والتي وصلت في مجموعها إلى (6) تعمل نحو تحقيق هدف واحد هو تنمية اقتصادية مستدامة بأعماق مختلفة للدول الإسلامية الأعضاء.
ولن أدخل في تفاصيل ما يتبع لكل من هذه الأجهزة من تعريفات أكثر تخصّصاً في الجوانب الاقتصادية لها غير أن ما يمكن القول عنه إنه نتاج عمل كثير من هذه الدوائر الاقتصادية في المنظمة والمترجمة على أرض الواقع تكاد لا ترقى إلى مستوى طموح وتطلعات المراقب لنتائجها. إن الأسباب في ذلك عديدة منها - في تقديري - خلط الأمور السياسية فيما بين الأعضاء مع الأهداف الاقتصادية وجعلها سابقة إلزامية للتنفيذ. أضف إلى ذلك الالتزام الهش ربما لبعض الدول الأعضاء تجاه بعض هذه الدوائر نحو التمويل وما يترتب على ذلك لاحقاً من وجود إدارة كفؤة للجهود الاقتصادية وتنفيذها بالشكل الصحيح دون تطبيق فاعل للخطط والبرامج الاقتصادية بالشكل الصحيح. وكما هو معروف أن الاستدامة في التمويل للمشاريع التنموية ينبغي أن تبنى على وجود مصادر تمويلية ذاتية وإلا صار مآلها إلى الإفلاس، إذ إن المشاريع الاقتصادية التي تضطلع بها المنظمة ليست مقصورة فقط على توفير لقمة العيش للفقراء المعوزين جداً في الدول الإسلامية، بل للرفع من إيقاع التنمية الاقتصادية على جميع الأصعدة.
إن الهدف من المنظمة هو توحيد كلمة المسلمين وعلى رأسها التوحد الاقتصادي لخلق بيئة اقتصادية جاذبة للاستثمار الداخلي والخارجي في البلاد الإسلامية الأعضاء والذي بكل واقعية لا يطالب به بالكامل لاستحالة ذلك في المنظوريْن القريب والمتوسط، ولكن على أقل تقدير تحقيق توازن منطقي لتكامل اقتصادي معقول يتناسب وإمكانات هذه الدول الإسلامية وإلا سيستمر التفرد بالجهود والتفنن في هدر الموارد منتهين من ضعف إلى ضعف في الجانب الاقتصادي.
وفق الله المؤتمرين في مكة المكرّمة قريباً.. وكل عام وأنتم بخير، وإلى اللقاء فيما بعد العيد إن شاء الله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي