مرسوم رفع التشريعات السعودي (1 من 2)
أتت قرارات مجلس الوزراء في جلسة الأسبوع الماضي، لتشكل منعطفا تاريخيا جديدا في صناعة النقل الجوي في المملكة، تضاف للمنعطف التاريخي بفصل الطيران المدني عن وزارة الدفاع، الذي صدر أخيرا. مرسوم مجلس الوزراء القاضي بدراسة أسعار التذاكر الداخلية، ووضع آلية جديدة لتعريفها، مشابه للمرسوم التاريخي في صناعة النقل الجوي المعروف بـ ''رفع التشريعات'' Airline Deregulation الذي أصدرته الحكومة الأمريكية عام 1978. مرسوم رفع التشريعات الأمريكي كان بمثابة رفع القيود التي كانت تكبل أعمال شركات الخطوط الأمريكية، ونتاج لجنة شكلها الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر، ورأسها أستاذ السياسة والاقتصاد في جامعة كورنيل، البروفيسور الفريد كان. ركز مرسوم رفع التشريعات على إيجاد منصة أعمال حرة التنافسية لكل الناقلات الجوية الراغبة في العمل بين جميع المطارات الداخلية الأمريكية. بسبب تطبيق رفع التشريعات، تم تحرير تعرفة التذاكر وأصبحت تتحرك بقوة السوق، بعد أن تحققت متطلبات التنافسية على الواقع، من خلال توحيد تكاليف التشغيل كالوقود والمناولة الأرضية ورسوم الهبوط في المطارات على الناقلات جميعا. شهدت السنوات اللاحقة لتطبيق مرسوم رفع التشريعات تطورا كبيرا في صناعة النقل الجوي في أمريكا الشمالية، حيث تشكل كثير من الناقلات الجوية التي دخلت السوق، وبالتالي زادت في قوة التنافسية وزادت في الرحلات المباشرة بين المناطق والمدن الكبيرة والصغيرة. كذلك أدت سياسة رفع التشريعات إلى زيادة الجودة النوعية لشركات الخطوط، وأجبرتها على منهجيات عمل سلسلة تركز على الترشيد وتقليل جميع أنواع الهدر. وبسبب التنافسية ووفرة المنتج عالي الجودة، ازداد تعداد المسافرين جوا في الولايات المتحدة في السنوات اللاحقة لتفعيل مرسوم رفع التشريعات، وانعكس بدوره على نمو عديد من الصناعات التي تتكامل مع صناعة النقل الجوي. مرسوم رفع التشريعات السعودي الذي صدر الأسبوع الماضي سيكون مشابها للمرسوم الأمريكي، لكنه حتما سيختلف باختلاف نوعي الاقتصادين، إذ يعتمد الاقتصاد الأمريكي على خصخصة جميع الموارد لتأتي نفقات الدولة من الضرائب، بينما الاقتصاد السعودي يعتمد على تملك الدولة ثروة النفط التي تشكل أكثر من 95 في المائة من الدخل القومي.