تبوك ليست كالشباب

لا أعاده الله من يوم, كان يومًا لا يتمنى أي مواطن محب لوطنه بأن يعود على تبوك الورد.

سألني أحد الغرباء: هل أنت شاعر؟ قلت: لا.

أقول لكم: لو أنني شاعر, لنظمت أبيات رثائية بحق جزء تألم وتضرر من أجزاء وطني الغالي على قلب ملايين من الناس, لو أنني شاعر, لكتبت قصيدة, عندما قرأتها ترى من بينها حزن دفين يخفي نفسه بداخل كاتب الكلمات, وتعطيك إشعار بأن ثمة غيور على وطنه, ويطمح بأن يكون الأفضل في البنية التحتية وفي كل شيء ولكن ذلك يحتاج إلى عدة عوامل علينا القيام والإلتزام والمواظبة عليها, ولا تنسى أن الله قدير على كل شيء, وتبوك ليست كالشباب, أقصد ستعود وتعود أجمل.

تبوك لا عليكِ, أنتِ مدينة الورود والتاريخ.
سيبقى تاريخك محفوظ, والورود والمناظر الجميلة, التي قالوا بأنها تشوّهت وذبلت, بعدما أكلت أغلبها السيول التي أكلت الإنس والحيوان.
لا تحزنين يا تبوك, إن الله لا يضيع حق أحد, ستعود الحقوق لأصحابها, وهذه العبارة أوجهها خصوصًا للفاسدين والمفسدين في أرض تبوك وغيرها من وطني.

صحيح فعلاً, ما حدث يجب تصديقه, ولكن غير صحيح أن تبقين هكذا باهتة وقبيحة ومشوّهة وعارمة فيكِ الفوضى, لا لن يبقى الحال هكذا, برجالك المخلصين الأوفياء وبوقفتهم الصادقة الصامدة, سيتحسن كل شيء.

الفساد هو البطل الحقيقي في أفلام الرعب التي شهدها وطني مؤخرًا, بعدما فضح وأسقط كل الذين يرتدون ثياب النفاق في عروس البحر الأحمر, جاء الدور على مدينة الورود, وبالمناسبة قام بتكرار دوره البطولي في جدة أكثر من مرة, لكي يخرجها من الظلمات إلى النور, والغريب عن تبوك أن جريدة عكاظ نشرت في عدد سابق لها, خبر يفيد بأن مشاريع خدمة بقيمة 6 مليارات ويعد إنجاز غير مسبوق, لا أرد على هذا الخبر إلا بلا تعليق, كم هو كاذب الخبر ومن الغباء الرد عليه!
شكرًا للفساد ولقطرات المطر, علَّمنا وعلَّمتنا من كان يسرق ومن كان يخون ومن كان يكذب ومن كان ومن كان ومن كان.
بما أن الشيء بالشيء يُذكر, يبدوا أن هيئة مكافحة الفساد, تعمل بخطوات كخطوات السلحفاة وإن كانت تعمل بشكل مميز لأسعدتنا بكشف الفساد هنا وهناك, وللعلم الفساد ظهر في البر والبحر, وهذه الآية مؤكد على كلامي }ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ{.

إلى متى والفساد يتستر بقماش ينزعه المطر؟ إلى متى وأولئك لا يخشون عذاب الله وعقابه؟ إلى متى ومشاهد التدمير البشري والمادي حتى الحيواني تتكرر في بلادي؟ إلى متى الخسائر الفادحة؟ إلى متى لا تراقب المشاريع؟ إلى متى لا نعالج الفساد ولا نحل المشاكل؟ إلى متى وإلى متى وإلى متى.

علينا نقوم بالفعل وليس بالكلام, لن نصدّق أقوالهم وتصاريحهم التي تملأ الصحف والتلفزيون, نقوم بغسل أيدينا بعد الأقاويل, وبعضهم كالشعراء يقولون ما لا يفعلون, ولكم بعد كارثة جدة الأولى خير إنارة.

طفلة ماتت -يرحمها الرحمن- وشاب أجهش بالبكاء كردة فعل على غرق سيارته, عوّضه الله خيرًا منها.
الزائر الذي قدم إليهم لم يرحمهم ولم يترك أحدًا ساكنًا, دَمَّر وأهلك معظم أحياء المدينة, وبهذا يصفها المار منها بأنها لم تعد جميلة!

علّمت الكارثة كل سُكان تبوك درسًا قاسيًا ومؤلمًا, وفاضحًا للبعض!

اللهم أرحم من رحل, وأشفي مَن جُرح, وعَوّض مَن خَسر وفَقد, وهَذا مَا أسأله من ربي, ولعله يتحقق.

الشباب السعودي فيه الخير والبركة, والإجابة على لماذا؟ كلنا نعرفها, ولعل آخر الوقفات, كانت مع مبتعث سعودي في كندا, أنقذ طفلين من موت محقق!

وفي جدة أثناء السيول, كوَّنت حملات شبابية تطوعية وكان لها نصيب من الصحافة والإعلام, ويستحقون أكثر من هذا, ومن الطبيعي أن تكوَّن حملات تطوعية في ظل ساعات عصيبة تسود المنطقة, لا شك أن الشباب قاموا بالتطوع في تبوك, ولكن أريد أن تبقى معهم ثقافة التطوع, وعلى كل من يقرأ هذه السطور أن يكوّن مجموعة تطوعية, صَدّقني لا تكلفك شيئًا, والعدد كأدنى حد 5 أشخاص, التطوع نتائجه إيجابية متعددة الأطياف, ولكم في القرآن آية} :فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ{.

النهاية وما أدراك ما النهاية.
المطلوب هو:
1- تلبية نداءات كل متضرر وتنفيذ طلباته
2- مُحاسبة المتسببين في الدمار وردعهم
3- إعادة البناء

هذا المطلوب بالنسبة لي, وعن المطلوب بالنسبة لك, الله يعلم, نشوفكم على خير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي