هل السعوديات بهذا الثراء؟

أوردت mbc.net خبراً على موقعها الإلكتروني يوم 15 شباط (فبراير) 2012، نقلاً عن تقرير اقتصادي متخصص لصحيفة "عكاظ" نشرته في ذلك التاريخ، مفاده أن النساء السعوديات يمتلكن ثروة في المملكة تقارب 210 مليارات دولار - أي نحو 788 مليار ريال. وكما ورد في ذلك الخبر أن حجم السيولة المودعة لدى المصارف لمصلحة النساء السعوديات بلغ 18 مليار ريال في عام 2011، ويسيطرن على ما نسبته 20 في المائة من رأس المال في الصناديق المشتركة، و33 في المائة من مؤسسات الوساطة المالية، ونسبة 40 في المائة من ملكية الشركات العائلية. ولعل ما استوقفني دقة هذه الأرقام والإحصاءات، إذ إنني حقيقة أشك في تفسير حجم هذه الثروات بهذه الأرقام ودورها الاقتصادي إذا ما تمعنّا في واقع المرأة السعودية في محيط المال والأعمال. فمثلاً إجمالي حجم الصناديق المشتركة في سوق الأسهم السعودي بلغ في الربع الأول من عام 2012 ما يوازي 90 مليار ريال تقريبا - طبقاً لتقرير مؤسسة النقد 2012، فإذا كانت المرأة السعودية تمتلك 20 في المائة منها، فهذا يعني نحو 18 مليار ريال فقط. ولو أن 20 في المائة من ثرواتهن خصص لمثل هذا النوع من الاستثمارات، فإن إجمالي تلك الثروة لن يتعدى 100 مليار، على أساس أن قيمة باقي الأصول التي تمتلكها السعوديات مقاربة لقيمة وحدات الصناديق الاستثمارية التي يعرف عنها تنوعها، بل تمثل عينة من القيمة السوقية للشركات المدرجة في السوق، واتخاذ مثل هذا التوزيع التقريبي في المحفظة الاستثمارية لهن على باقي أنواع الأصول المالية. ولذا فالفارق بين هذه التقديرات المنشورة وتقديراتنا المبسطة أكثر من الضعف!!
وكشاهد آخر على عدم دقة هذه الأرقام والإحصاءات تناول التقرير الاقتصادي المشار إليه أن 80 في المائة من النساء يقمن على إدارة ثرواتهن بأنفسهن، وهذا أيضا في تقديري غير دقيق من خلال مشاهدات المتابعين للاقتصاد وآلية عمله. ولعل السبب هنا ربما وجود ما يسمى بتركّز الملكية في أيدي عدد محدود من النساء وبالتالي ارتفاع تلك النسب. فإذا كان هناك عدد محدود من النساء يمتلك أكبر قدر من تلك الثروات، وفي الوقت نفسه هن يدرن ثرواتهن، فمن الطبيعي أن تصل النسبة لهذه المستويات.
إننا نعرف جيداً مشاركة المرأة المتدنية في الناتج الإجمالي بشكل عام، ومن الواضح تناقض هذه الإحصاءات مع ذلك المؤشر الذي مآله إلى عدد من الأسباب التي ربما في بعضها لا تعدو المرأة كونها فقط اسميا مالكة لهذه الأموال، ولذا يجب ألا يقاس مستوى ثروات المرأة السعودية بحكم ملكية عدد محدود من النساء لاستثمارات مختلفة، سواءً كانت منقولة أو غير منقولة أو غيرهما. إن النظرة إلى مشاركة المرأة في الناتج الإجمالي هو أهم من تعظيم ثروات فردية لفئة معينة، وذلك لتعضيد قوى الاقتصاد بشكل عام، الذي يجب أن يضطلع الجميع بدوره فيه سواء كان رجلاً أو امرأة. وسواءً كانت هذه الإحصاءات من الثروات للسعوديات صحيحة أو غير دقيق، إلا أن المطالبة بتوسيع القاعدة المشاركة في محيط الأعمال والاقتصاد تبقى هاجساً، بل هدفاً حتميّاً يجب العمل على تحقيقه، وإلا اتسعت الفجوة بين طبقات المجتمع وتركزت في فئات محدودة لا تؤدي إلا إلى تسبيب تدني قوة الاقتصاد إجمالاً.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي