هل القطاع الزراعي جاذب للاستثمار؟
بدأ الاستثمار الزراعي المكثف للمشروعات الزراعية المتخصصة في المملكة في منتصف السبعينيات الميلادية، وكان لهذا الاستثمار آثار إيجابية عديدة كان أهمها التوطين بأشكاله المختلفة سواء للأفراد في مناطقهم أو توطين للتقنية واستخدامها في العمليات الزراعية حتى توافرت وأصبحت في متناول المزارع الصغير.
والمملكة بدورها تتميز بمقومات طبيعية وبشرية مختلفة أسهمت في تنمية العديد من الأنشطة الاقتصادية، ومن ضمنها النشاط الزراعي الذي لا يزال يمثل موردا مهما في المناطق التي تتوافر فيها مياه للري.
والزراعة كأي نشاط آخر ثمرة استثمار الإنسان لظروف بيئته، وعلى الرغم من أن الاستثمار الزراعي يعد أحد المتغيرات المتباطئة الأثر في قيمة إجمالي الناتج المحلي الزراعي، إلا أن القطاع الزراعي جاء في مقدمة القطاعات الاقتصادية غير النفطية في المملكة نتيجة للسياسات التي انتهجتها الحكومة منذ البداية والعمل بالتخطيط التنموي عن طريق مجموعة من السياسات والبرامج التي كان لها الأثر الفاعل في تحفيز عملية الاستثمار في هذا القطاع بأنشطته المختلفة، مما شجع المستثمرين على الدخول والاستثمار باستخدام التقانات الحديثة ليتحول من قطاع تقليدي إلى قطاع استثماري يؤثر ويتأثر بالقطاعات الإنتاجية الأخرى.
وتشجيع التوسع في الاستثمار الزراعي بدأ يدخل دائرة اهتمام المسؤولين في مناطق المملكة المختلفة إدراكا منهم بأهمية هذا النشاط الاقتصادي ودوره في تحقيق الأمن بأوجهه المختلفة مثل الأمن الوطني (بتحقيق فرص وظيفية لتحسين مستوى دخل الفرد، والانخراط في العمل)، والاجتماعي (بتوطين أبناء الريف واستقرارهم في مناطقهم)، والصحي (بتوفير منتجات غذائية صحية آمنة)، إضافة إلى الأمن الغذائي. ونلحظ في الآونة الأخيرة أن هناك تبنيا لهذا التوجه للدعوات إلى الاستثمار في القطاع الزراعي في المناطق التي تزامنت مع التغيرات الإيجابية التي حدثت في القطاع الزراعي سواء من الجهات الحكومية أو من القطاع الخاص العامل في هذا القطاع التي تسهم في رسم هوية للمنتجات الزراعية وتعددها، والاستفادة من الميز النسبية لمناطق المملكة المختلفة. كما أن لهم جهودا ملموسة في إقامة العديد من المهرجانات المختلفة مثل التمور في الرياض، والقصيم والمانجو والحمضيات في جازان ونجران، والورود في الطائف، والجوائز للمزارع المثالية في منطقة تبوك، فهذه الجهود تعد مبادرات للتعريف بالمنتجات الزراعية وهي في مجملها دعوة إلى الاستثمار الزراعي في تلك المناطق، ويبقى دور الجهات ذات العلاقة لتوحيد هذه الجهود وتحفيز الاستثمار الزراعي المرتبط بالميز النسبية لكل منطقة ومنتجاتها الزراعية المختلفة التي تتوزع على فصول السنة التي أخذت وضعا تنافسيا قويا مع المنتجات المستوردة .. والقطاع الزراعي يسهم في إيجاد بعض الفرص الاستثمارية المرتبطة به أو بالقطاعات الإنتاجية الأخرى سواء في مجال الإنتاج النباتي أو الحيواني أو الأسماك أو نظم الري أو التصنيع الذي يعتمد على مخرجات القطاع الزراعي وإنتاج اللقاحات والأدوية البيطرية، فتح العيادات البيطرية الخاصة، وإقامة مسالخ دواجن، وإقامة مشاريع الدجاج اللاحم ومصانع للأعلاف وللأسمدة العضوية بهدف الاستفادة من مخلفات مشاريع الدواجن، والاستثمار في مجال تصنيع مخلفات النخيل، وكل تلك الأنشطة تدلل على أن القطاع الزراعي سيكون جاذبا للاستثمار في تلك المجالات.