تكوين محفظتك الاستثمارية
تحدثنا في المقال السابق عن أهمية تنويع المحفظة الاستثمارية ومبدأ "لا تضع البيض في سلة واحدة" وكيف أن هناك تسلسلا معينا يجب أن يتحدد الاستثمار على أساسه. البداية تكون بتحديد الهدف الاستثماري ومن ثم المخاطر ومن ثم الخطة المتبعة، وتطرقنا إلى أن غالبية المستثمرين لا يتمسكون بالخطة الموضوعة لعدة أسباب تم تعريفها.
اليوم نتحدث عن كيفية توزيع المحفظة وهو السؤال المفضل لدى متابعي "نصيحة ريم" في تويتر وجميع قنوات التواصل.
بداية أود التنويه بالآتي:
أولا: لا توجد وصفة واحدة مناسبة لكل مستثمر.
ثانيا: العوامل الفارقة بين المستثمرين تشمل السن والحالة الوظيفية ومستوى الدخل وعدد المعالين وكمية المدخرات.
ثالثا: المتغيرات الحياتية مستمرة وتغري الكثير بتغيير مواقفهم المالية واتخاذ خطوات قد تخل بتوازن محافظهم.
رابعا: أغلب الأفراد لا يخطط للتقاعد إلا قبل عشر سنوات من حلوله "في أحسن الأحوال" باعتبار أن أمامهم متسعا من الوقت وهذا أكبر خطأ برأيي ومن تجربتي مع الكثير من المستثمرين.
بالنسبة للعوامل التي يتوقف على أساسها توزيع المحفظة فهما عاملان أساسيان.
الأول: الزمن الاستثماري وهو عدد الأشهر أو السنوات المتوقع لتحقيق الهدف المالي المرغوب. كلما طال الزمن "أو المدى" الاستثماري، شعر المستثمر بالاطمئنان ولا يمانع في زيادة مستوى المخاطر في استثماراته مثل الدخول في أسهم الأسواق الناشئة أو الأصول ذات التقلبات العالية. والسبب أن مدة الاستثمار تسمح بحلول عدة دورات اقتصادية من الهبوط وعودة الارتفاع وبالتالي تكون فرص تحقيق المكاسب أكبر. والعكس صحيح فعندما يقل المدى الاستثماري "مثال" ادخار للتعليم الجامعي للأبناء" فإن فترة بضع سنوات قد لا تكون كافية لبلوغ الأهداف المرجوة.
الثاني: مستوى المخاطر، ويقصد بذلك معدل المخاطر الاستثمارية التي بمقدورك تحملها كمستثمر مقابل عوائد مرجوة "لاحظ أن جميع الخطط مبنية على افتراضات وبيانات تاريخية وليست مستقبلية". فالمستثمر المغامر مستعد لتحمل المخاطر والخسائر ربما في سبيل عوائد "محتملة" بينما المستثمر المتحفظ لن يخاطر برأسماله في استثمارات جريئة وعادة يقنع بالعوائد البسيطة لقاء الحفاظ على رأس المال الأصلي.
ما الأصول الاستثمارية الشائعة؟
الأسهم والسندات تعتبر أصولا مالية سائلة ومتداولة في أسواق المال بمعنى أنها تباع وتشترى لحظيا، وهي وسيلة مناسبة جدا لتوفير السيولة في المدخرات، حيث لا يتم تجميدها فترة قبل بيعها. ويجدر بالذكر أن المستثمر السعودي غالبا ما يقارن بين الأسهم والعقار كأصول استثمارية رغم أن الفرق شاسع في آليات التداول والهدف والزمن الاستثماري لكل منهما، ويعود السبب في هذا إلى الشح النسبي للأصول والأدوات الاستثمارية المتاحة في السوق السعودي. بالنسبة للمحفظة المتنوعة يجب أن تحتوي على خليط من الأسهم والسندات والنقد "السائل" بمقادير مناسبة ومحسوبة قابلة للتغيير مع مرور الوقت.
من حيث المخاطر تعتبر الأسهم الأعلى مخاطر من السندات وبالتالي ينصح بالاستثمار فيها لما لا يقل عن ثلاث سنوات فأكثر.
فعلى سبيل المثال أسهم الشركات الأمريكية الكبرى تتسبب في خسارة إجمالية للمحفظة بمعدل مرة كل ثلاث سنوات ورغم أن الخسائر تكون كبيرة أحيانا فلا يزال المستثمر على استعداد لتقبلها في سبيل المكاسب الأكبر.
في المقال المقبل نتناول فئة السندات ونناقش كيفية التوزيع المناسب في المحفظة.