"اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منّا" !!.

[email protected]

كل عام أنتم بخير .. بحلول شهر رمضان الذي ذكره الله سبحانه بأنه شهر الخير والعبادة والرضوان .. شهر تتجلّى فيه أعمال الخير وتكثر خلاله الصدقات..
هذه هي حقيقة رمضان، أما لدى كثير منّا نحن العرب المسلمين فالأمر مختلف جداً، فصيام الشهر قائم ولا بأس به، لكن إيجابياته الأخرى.. مطموسة ومغيبة " إلا لدى من رحم ربي".. فهو شهر اللهو والمتع سواء حسية أو "بطنية" فخلاله حدث ولا حرج: فأقوى الإعلانات الخاصة بالأغذية تكون قبل وخلال هذا الشهر الكريم، وأتفه مسلسلات الكوميديا الساقطة المكلفة جداً أيضاً خلاله، وحتى خيام الرقص والمحرمات وما يصاحبها من عادات وأخلاق سيئة تكون في أثنائه.. فحسبنا الله وهو نعم الوكيل.
هل هذا هو الوجه الحقيقي لرمضان؟.. من جهتي أرى في هلاله الذي يظهر مع أيامه الأولى خجلاَ مما يفعله الناس، وكأن هذا الهلال قد زادت انحناءته حسرة وكمداً من أن يعلن دخول الشهر الفضيل، لأناس رأوا في شهره ممارسة الإسفاف والخطايا.. أناس يتسابقون فقط نحو الإضحاك والخنا.
استفزني مثل ذلك وتساءلت: هل هذه العادات السيئة التي حشرناها في رمضان ظلماً وجوراً شاملة لكل ما هو مسلم؟ بمعنى أن المسلمين غير العرب يمارسون في بلادهم هذه العادات ويجعلون من رمضان تسلية وأكلاً ؟.. قرأت وسألت واطلعت؟ لتكون الإجابة مفرحة بقدر ما هي مؤلمة لواقعنا كعرب مسلمين، هي مفرحة لأن أولئك المسلمين من غير العرب يجدون في الشهر الفضيل فرص العبادة والتقرب.. هم يجدون فيه متسعاً للاقتراب من الرب.. هم يقتربون أكثر من التلاوة.. يجدون فيه فرصاً لارتياد المساجد وضبط النفس لتتواءم مع الحكمة من الصوم.. بعيدون كل البعد عن إسقاطات الكوميديا، وتفاهة الخيام التي أطلق عليها كيداً وجوراً الخيام الرمضانية... هو فرصة يجدون فيه الاستزادة من الخير، ونحن نبحث خلاله عن التخمة والشراهة في السهر والضحك.
أعود لواقعنا ولن أستثني أحداً، فمن رحمه الله بالابتعاد عن الإسقاطات والسهر، عني بالتضخم الغذائي خلال هذا الشهر.. وعليه فلننظر إلى موائد رمضان وما تحتويه من فائض ، تنوء الموائد به، لكن حسبنا الله، ونحن قد ارتضينا أن يكون شهرنا هذا محل ترف وفسق، ناهيك عن "الدباشة الشرائية", التي تصاحبه فها هي الأسواق سواء في الرياض أو القاهرة وحتى عمان وأبو ظبي وكيف التزاحم خلالها لأجل إشباع البطون في رمضان، ومن ينظر إلى الجموع الغفيرة من المتسوقين يعتقد أن أزمة تسوق أو بوادر انقطاع مستقبلية ستصيب البلاد والعباد!
الخلاصة أننا ننتهج مبادئ الإسراف سواء كانت روحانية أو غذائية، مخالفين المنهج الإلهي العظيم في كيفية التعامل مع هذا الشهر الكريم، التي عبر عنها القرآن الكريم في كثير من السور والآيات، مثل قوله تعالى:" شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينّات من الهدى والفرقان"، وقول المصطفى صلى الله عليه وسلم:إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ "رواه البخاري ومسلم".
وفي النهي عن الإسراف والبطنة قوله تعالى: " كلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين". وقوله سبحانه: "إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا".
فهل بعد هذا التوجيه الإلهي نبحث عن الكوميديا العفنة والموائد الشرهة!
غفر الله لنا ولكم وتقبل منّا ومنكم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي