السوق العقاري .. هدوء مؤقت أم بداية ركود؟
يلاحظ المتابع للسوق العقاري للفترة الحالية قلة في الطلبات وزيادة في العروض العقارية الأمر الذي يجعلنا نتطلع بشكل كبير إلى ما ستكون عليه الفترة المقبلة للسوق العقارية.
وللوصول إلى توقع دقيق ونظرة حقيقية لطبيعة هذا الهدوء يجب علينا الدخول في تحليل دقيق يغطي حالة السوق ودراسة العرض والطلب ومدى توفر السيولة لدى المستثمرين والمشتريين المحتملين وهذا سيعطينا بوضوح ما هو مستقبل الهدوء الموجود في السوق العقاري وهل سيتحول إلى ركود.
دعونا نبدأ بالمستثمرين المحتملين هل أفلسوا أم أنهم يعانون نقص سيولة أم أنهم متخوفون من الدخول في استثمار عقاري في الفترة الحالية؟ وللإجابة عن هذا السؤال قمت بالاتصال مع مجموعة كبيرة من المستثمرين العقاريين الذين يملكون محافظ للاستثمار العقاري وسألتهم هل ترغبون في فرصة عقارية؟ (وبالطبع هذا السؤال ذكي ) لأنه سؤال غير مباشر عن مدى توافر السيولة لدى المستثمر ولقد تفاجأت أن كثيراً منهم يملك سيولة ضخمه بل وأن بعضهم باع عقارات بمبالغ ضخمة واستلم قيمتها نقداً ويرغب في استثمارها في السوق العقاري ولكنهم أجمعوا على أنهم يسمعون من حين إلى آخر إشاعات تتوقع نزول أسعار العقارات هذا إن لم تكن انهيارا لسعرها كما أنهم متخوفون من الاستثمار في مشاريع عقارية لا يجدون لها مشتريا يملك السيولة.
من جهة أخرى، قمت بأخذ عينه من عدة مكاتب عقارية تتعامل بشكل مباشر مع مشترين للعقارات الفردية كسكن أو مكتب خاص وسألتهم هل هناك طلبات على الوحدات العقارية؟ وكانت الإجابة بأن الطلب لم يخف وأن عملاءهم جاهزون للشراء بل وقام بعضهم بإعلان في الصحف المحلية يطلب عقارات لزبائنه لعدم توفر العقارات المطلوبة من عملائهم.
كما سألت بعض ملاك ومضاربين في عقارات كبيرة عن مدى نيتهم للبيع بأقل من السعر المدفوع لهم سابقاً أو بنفس السعر (ولم أذكر بأقل من سعر الشراء) فأجاب معظمهم أنهم يسمعون عن أخبار لنزول أسعار العقار وبالتالي لديهم رغبة في البيع بالسعر المدفوع لهم سابقاً ولن يبيعوا أبدا بأقل من مبلغ المدفوع لهم سابقاً وهذا مؤشر مهم.
وقمت أخيرا بزيارة لعدة بنوك وشركات تمويل عقاري وسألتهم هل هناك قلة في طلبات تمويل العقارات وهل هناك خطة لخفض عدد العملاء المراد تمويلهم؟ وكانت الإجابة بالإجماع أنه لا يوجد انخفاض في عدد العملاء المتقدمين لطلب التمويل، كما أنهم متحفظون فقط على تمويل بعض العقارات الكبيرة التي تقع خارج النطاق العمراني وأصبحوا أكثر تحفظاً في تقييم العقارات لسماعهم عن إشاعات نزول متوقع لأسعار العقارات.
في النهاية دعونا نخلص مما سبق بانطباع عام وهو أن السيولة متوافرة لدى المستثمرين ورغبة للشراء لدى صغار المشترين رغبة في بيع عقارات لدى بعض الملاك بنفس السعر المدفوع لهم سابقاً ولا مانع لدى شركات التمويل والبنوك من تمويل العقارات للفترة المقبلة كما نرى أن الإشاعات التي تطلق من حين إلى آخر عن نزول لأسعار العقارات هي العامل المشترك بين جميع الأطراف وهي السبب في تخوف المستثمرين وقلة طلبهم للشراء وتخوف الملاك وزيادة العرض.
إذاً فإن الهدوء وكثرة العرض وقلة الطلب لم يكن سببها قلة السيولة الأمر الذي ينفي وجود ركود قادم للسوق العقاري.
وأتوقع شخصياً بأن الهدوء والتخوف الذي تسببه إشاعات تنتشر بين الحين الآخر لا يدوم تأثيرها أكثر من شهرين فقط وتحديداً مع صدور نتائج الشركات وصدور أرباحها السنوية ولن يتطور إلى ركود بإذن الله.