من أي الأنواع أنت..؟!

أستمتع كثيراً بالقراءة في مجال علم البرمجة اللغوية والعصبية NLP, ولا يكاد يمر أسبوع دون أن أختبر نفسي عملياً فيما أتوقع أني أجدته من تطبيقات هذا العلم المثير والمهم.. وأنا أدرك جيداً أن هناك الكثير من الناس ينظرون إليه كـ(وهم) ولا يمكنهم تصديق نظرياته الغريبة غالباً, وقد كنت واحدا منهم حتى استفزتني إحدى نظريات أنماط الشخصية التي تقسم الناس إلى ثلاثة أنواع (بصري, سمعي, حسي) ولكل نوع من هؤلاء صفات محددة في طريقة تواصله مع الآخرين, ولأنني مهتم كثيراً بنظريات الاتصال فقد تعمقت بشكل أكبر في هذا الجانب وقررت أن أجري اختبارات عملية على من أعرف ومن لا أعرف من خلق الله لاكتشاف أنماط شخصياتهم وبالتالي التواصل معهم بشكل أكثر فاعلية ولي في هذا المجال حكايات بعضها طريف والآخر مأساوي سأحاول التحدث عنها في مقال آخر إن سنحت لي الفرصة.
لكن وللتعرف على هذه النظرية بشكل أكبر يجب أن نعلم أن الأشخاص الذين يندرجون تحت النوع (البصري) هم الأشخاص الذين يرون العالم حولهم وجميع تجاربهم من خلال الصور والرؤية بالعين حتى أنهم يحولون المعاني المجردة أثناء حديثهم إلى صور، فنجد أنهم يكثرون في عباراتهم من بعض الكلمات مثل: (أتصور- أرى ـ أنظر ـ وجهة نظر ـ وضوح ـ ملاحظة ـ مراقبة ـ منظر ـ ألوان ـ ظلام ـ ظلال) وعادة يكون هؤلاء الأشخاص سريعين في حركتهم وكلامهم وحتى أكلهم، لتأثرهم بالنمط الصوري القائم على الصور المتلاحقة, أما المصنفون من النوع (السمعي) فهم الأشخاص الذين يكون السمع لديهم أفضل وسيلة للاتصال وهم مستمعون جيدون أثناء الحوار وتكثر في عباراتهم كلمات مثل: (اسمع ـانصت ـ إصغاء ـ صوت ـ رنين ـ لهجة ـ ازعاج ), وهؤلاء عادة يتأنون كثيراً في اتخاذ القرارات ويفضلون الاستماع إلى الكثير من المعلومات قبل أن يدخلوا في جو الحوار, أما النوع (الحسي) فيمثله الأشخاص الذين يركزون على الشعور والإحساس بالأمر الذي يتم التحدث عنه خلال عملية الاتصال ويستشعرون ثقل المسؤولية أكثر من غيرهم ونجد عباراتهم تكثر فيها كلمات مثل: (أشعر ـ لدي إحساس ـ التمس ـ حار ـ بارد ـ ضغط ـ شدة ـ ألم ـ حزن ـ سرور ـ ثقل ـ جرح ـ ضيق), ومن أفضل طرق التواصل معهم المصافحة أثناء الحديث كما أن أحدهم ربما يعبر عن رضاه عن عمل ما بالتربيت على كتف من قام به, أو الإمساك بيده وهذا شيء يسبب ضيقاً وحرجاً للطرف الآخر إن كان من النوعين السابقين!
كما يجب أن أشير إلى أن لكل نوع من الأنواع السابقة مميزاته وعيوبه فمميزات (البصري) سرعة اتخاذ القرار, والرؤية الاستراتيجية, وتخيل العواقب والنتائج, والتفاعل مع المتغيرات والقدرة على إدارة الأزمات, ومن أبرز عيوبه أنه غالباً ما يتصور أسوأ الاحتمالات, كما أنه متسرع في الرد على الآخرين, فكلماته تسبق معانيه وربما قال كلمة لايقصدها وتورط!
أما مميزات (السمعي) فأبرزها أنه أكثر اتزاناً في اتخاذ القرار لأنه يمرر الكلام إلى عقله عبر أذنيه, ولديه اهتمام كبير بالوقت, ويميل إلى جدولة أعماله, وتتلخص عيوبه في عدم القدرة على التصرف وقت الأزمات, ولاتوجد رؤية استراتيجية لديه فرؤيته قصيرة المدى.
وكما أن للنوعين السابقين مميزات وعيوب فللـ(الحسي) أيضاً مميزات أبرزها التفاعل مع الأحداث لإحساسه بها, والبعد عن الفلسفة والنظريات, وغالباً ما يفوض غيره بالاجتماعات لعدم رغبته فيها فقاعدته الأهم (اجتمعوا وقرروا وأنا أنفذ) ومن عيوبه عدم الوسطية فهو إما محب أو مبغض وإما رقيق أو قاسٍ, كما أنه غالباً ما يعاود الوقوع في نفس الأخطاء لأنه يعتمد على إحساسه فقط, كما أنه متهور في اتخاذ القرار عند تفاعله معه وبطيء جداً في اتخاذه إن لم يكن متفاعلاً معه.
ويلاحظ أن الإنسان البصري دائماً يكون مستوى النظر لديه أعلى من أذنيه (ينظر إلى الأعلى) أما الإنسان السمعي يكون مستوى النظر في نفس مستوى الأذن ومستوى نظر الإنسان الحسي يكون أسفل من مستوى أذنيه.
ومن المهم أن أوضح أن كل إنسان يجمع الجوانب الثلاثة لكن أحدها يتفوق على حساب الاثنين الآخرين ويتم تصنيف الشخص بناء على ذلك.
بقي أن أقول إن الفكرة العامة لهذه النظرية تساعد كثيراً على معرفة طرق التواصل الأفضل مع الناس بحسب شخصياتهم وهو ما ستتأكدون منه عندما تبدأون بتطبيق ما عرفتموه على خلق الله مثلما فعلت, علماً بأنني لا أتحمل المسؤولية عن النتائج التي قد تصلون إليها!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي