قرصنة القرن الإفريقي .. الإشكالية والحلول
أكتب هذه السطور والناقلة السعودية سيريوس ستار Sirius Star راسية قبالة سواحل هارارديري الصومالية، تحت قبضة قراصنة زادت وماجت سطوتهم بشكل لافت خلال الأشهر الماضية. أدعو الله عز وجل أن يفك أسرها وأسر بحارتها في أسرع وقت.
حسب آخر الدراسات والتي كان من ضمنها دراسة صادرة عن شاتهام هاوس Chatham House، فإن وتيرة عمليات القرصنة ارتفعت من أقل من 15 عملية في عام 2005 و (أقل من) 20 عملية في عام 2006 و (أقل من) 25 عملية في عام 2007؛ إلى قرابة 100 عملية في عام 2008. قفزة هذه الأرقام مؤشر واضح على تأجج الأزمة خلال عام 2008 بشكل لم يسبق له مثيل. كذلك فإن هذا التصاعد يدلل على أن أبعاد الأزمة لم تعد محصورة في طبيعتها التجارية - الاقتصادية، بل إنها أصبحت ذات أبعاد أمنية -سياسية تستوجب حلولا حاسمة.
لقد أصبح أمن وسلامة جميع السفن المبحرة عبر بحر العرب وخليج عدن وجزء كبير من المحيط الهندي في خطر حقيقي. بهذا تأثرت (وسوف تتأثر) من جراء ذلك جميع الدول الواقعة على ضفاف البحر الأحمر والخليج العربي وبحر العرب والمحيط الهندي. بجانب هذه الدول أصبحت مصالح (وسفن) دول العالم التي تمارس التجارة الدولية شرقاً وغرباً، ولاسيما الدول الكبرى والعظمى كالمجموعة الأوروبية والولايات المتحدة و روسيا والصين؛ في خطر. وهذا بطبيعة الحال يستلزم تضافر جهود جميع هذه الدول للخروج من هذه الأزمة.
بالإمكان استنباط عديد من الأسباب التي أدت إلى تصاعد وتيرة عمليات القرصنة؛ ولكن أبرزها ثلاثة: الأول متمثل في عدم وجود جهة أو جهات أمنية "فاعلة" لتأمين سلامة تلك المعابر البحرية المهمة، والثاني متمثل في تطور قوة وتكتيك القراصنة أنفسهم، والثالث متمثل في الوضع التي آلت إلية حال دولة الصومال. بهذا فإنه في تصوري -المتواضع- لن يوجد حل حقيقي لهذه الأزمة دون معالجة هذه الأسباب.
ففي البداية لابد من توظيف استراتيجيات فعالة لإعادة أمن واستقرار الصومال المفقود منذ عام 1991. فقد أثبتت الأيام أن أنصاف الحلول السياسية لا تأتي بجدوى لحال بلد مثل الصومال، بل إن عدم تفعيل استراتيجية حاسمة سوف يؤدي إلى مراحل قد تكون تهديداتها للمجتمع الدولي أقسى مما هو حاصل الآن.
ثم لابد من تضافر جهود جميع الدول المعنية بتأمين ممرات بحرية آمنة في المعابر البحرية المتضررة؛ وذلك على غرار الممر الذي تم تفعيله من قبل بعض القوى الأوروبية في آب (أغسطس) من هذا العام. وثم لابد من إيجاد قوة بوليسية بحرية متفرغة لمطاردة وتعقب القراصنة، وأن يكون من ضمن مهام هذه القوة؛ تفتيش وتعقب أية قوارب يشتبه فيها.
يبقى القول بإنه لابد من تفعيل كل ذلك من خلال هيئة الأمم المتحدة وتحت إشرافه. بهذا فإن الأمر يستوجب تمديد قرار مجلس الأمن رقم 1816 والذي تنتهي صلاحيته في الأسبوع المقبل، وكذلك توسيع التفويض الذي يمنحه ذلك القرار لكي تتمكن القوات المشاركة من ملاحقة القراصنة و القضاء عليهم.