أين قاع سوق الأسهم؟

يسألني الأصدقاء باستمرار عن سوق الأسهم. ويعتقد البعض أن من له ارتباط بالسوق من قريب أو بعيد يعلم ماذا سيحصل غدا. وكثيرا ما أجيبهم أنني لو كنت أعرف ما سيحصل غدا لكنت أغنى إنسان على الإطلاق. ولو كنت أغنى إنسان على الإطلاق فأشك بأنك ستبقى صديقي!
وأتذكر مرة في مدينة أجنبية استوقفتني عجوز تدعي قراءة الكف وطلبت 20 دولارا على أن تطلعني على الأحداث التي ستجرى لي الأسبوع المقبل؟ ولأنني لا أعرف أحداث الأسبوع المقبل ومن هنا لا يمكن أن أثبت أنها مخطئة فقد قلت لها بل سأعطيك 100 دولار على أن تخبريني الأحداث التي حصلت لي الأسبوع الماضي فأنا أعرف ما حصل لي قبل أسبوع وأستطيع بسهولة إثبات دجلها لكنها اعتذرت وقالت لا أستطيع فأنا أتنبأ فقط بالمستقبل. فقلت لها إذن دعيني احتفظ بالـ 20 دولارا للمستقبل أيضا. لكني نصحتها أن تستفيد من قواها "الخارقة" بالعمل في أسواق الأسهم. والله سبحانه وتعالى يقول "قل لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير" ولعل انطباق الآية على سوق الأسهم انطباق واضح.
والسؤال الأبرز هذه الأيام "ما قاع السوق؟" والناس ما بين مشرق ومغرب يعجمون ويعربون في التوقعات. والأرقام ترمى جزافا عن اليمين وعن الشمائل كصالات المزاد لا يجمعها إلا إنها – والحمد لله – لا تزال مكونة من أربع خانات!
وكل يدعي وصلا بليلى........ إلخ وليلى بالعراق مريضة (ما جابت خبرهم)
والحقيقة أن أحدا لا يستطيع معرفة القاع مهما أوتي من علم لا محلل أسهم ولا اقتصادي ولا فلكي ولا معلم جغرافيا. والسبب أن الحركة اليومية للسوق شديدة التعقيد تدخل في صناعتها مئات العوامل ومن هنا يجد المحلل نفسه أمام معادلة واحدة بمجاهيل كثيرة جدا أشبه ما تكون بمعادلة توقعات الأحوال الجوية. ويضطر المحلل إلى استخدام الكثير الكثير من الافتراضات ليخلص إلى نتائج تلعب الاحتمالات دورا كبيرا فيها. ويدخل في قول الشاعر:

فقل لمن يدعي في العلم معرفة
علمت شيئا وغابت عنك أشياء

ولذا إذا سئلت عن القاع فالإجابة السليمة أنه (أقل نقطة يصل إليها المؤشر)!
والتصرف الصحيح دائما هي العودة إلى أساسيات الاستثمار فأولا الشراء إذا كان السوق رخيصا (وليس إذا كان الأرخص") لأن الذي يدعي معرفة القاع، دائما ما "يقع" على رأسه. ثانيا اعتبار عامل الزمن فلا يوجد استثمار بغير وقت وحتى الشركات الرخيصة ربما تنخفض إلى نصف قيمتها قبل أن تعود إلى مستواها الطبيعي. ثالثا التنويع والتوزيع فأفضل الاستثمارات من الممكن أن تنقلب خسارة لأتفه الأسباب "وقليل البخت يلاقي العظم في الكرشة" رابعا الاحتفاظ بجزء من الأصول كسيولة أو استثمار قليل المخاطر سريع التسييل. خامسا طول البال في الاستثمار وتجنب الدخول والخروج المتكرر ففي دراسة على السوق الأمريكي الذي استثمر دولارا واحدا عام 1966 في مؤشر ستاندارد آند بورز نما استثماره إلى 16.58 دولار عام 2007 بينما من استثمر بالطريقة نفسها لكنه كان خارج السوق لأفضل خمسة أيام من كل سنة يتضاءل حجم استثماره إلى 11 سنتا في عام 2007 ويخسر 90 في المائة من رأسماله بعد 40 عاما.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي