قمة الكويت .. قمتان في قمة

لا شك أن الأحداث قد فرضت عديدا من المعطيات على القمة العربية التي تنعقد حاليا في الكويت. فلم يكن في تصور المخططين - الذين بدأوا التحضير لها قبل أكثر من سنة - بأن يأتي انعقادها في ظل هذا الصخب من التطورات الديناميكية التي فرضتها أحداث الهجوم الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة.
فمن ناحية نحن نتكلم عن؛ بشاعة المجازر الإسرائيلية لأهل غزة والتي تجاوز عدد الضحايا فيها أكثر من ألف ومائتي شهيد وأكثر من خمسة آلاف جريح، وعن الدمار البشع الذي خلفته الآلة العسكرية الإسرائيلية في كامل القطاع. ومن ناحية أخرى، نحن نتكلم عن وتيرة غير مسبوقة من الترتيبات السياسية بما فيها انعقاد أكثر من أربع قمم – جماعية - (والتي منها هذه القمة) خلال مدة لا تزيد على خمسة أيام. ونحن بجانب كل ذلك نتكلم عن توقيت إسرائيلي بإنهاء إطلاق النار ـ من جانب واحد - في ظل انقسامات ومزايدات لم تقتصر على ألم وحرقة الصراع الفلسطيني -الفلسطيني؛ بل زادت عليه انقسامات وخلافات عربية - عربية. بهذا فالقمة تنعقد في ظل معطيات وظروف استثنائية تفرض بدورها مزيدا من التحديات على أجندتها.
في تصوري أن القمة سوف تنعقد وكأنها قمتان في قمة؛ تعالج القمة الأولى منها تداعيات الوضع في غزة، وتعالج الثانية منها ما كان مخططا له في السابق: في المجالات الاقتصادية والتنموية والاجتماعية. وبما أن المقام هنا لا يتسع لمعالجة شقي القمة؛ سنكتفي بالإشارة السريعة إلى أهم الأمور المرتبطة بالجانب السياسي، خصوصا وأن هناك عديدا من الآمال المعقودة على القمة في هذا الشأن.
فمن المأمول كما ذكر الأمير سعود الفيصل "أن تكون قمة الكويت فرصة لإعادة اللحمة للعالم العربي، بدلا من الانشقاق الحالي". ومن المتوقع كذلك أن تطرح القمة استراتيجية وخطة عربية متكاملة لمعالجة آثار الهجوم (والحصار) الإسرائيلي على غزة؛ والتي سوف يكون من ضمن اشتراطاتها: ضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية من جميع أراضي قطاع غزة، تقديم الإغاثة الفورية لأهالي القطاع، رفع الحصار وفتح المعابر والمنافذ (الجوية والبحرية)، إيجاد مصالحة فلسطينية - فلسطينية، إلخ.
كذلك فإن توافق انعقاد القمة مع بداية تولي الإدارة الأمريكية الجديدة زمام الأمر يعطي القادة العرب فرصة لتوجيه رسالة جماعية قوية لواشنطن حول القضية الفلسطينية؛ ولاسيما وأن الظروف الجديدة وتعاطف الرأي العام العالمي مع أهل غزة قد تساعد على إعادة صياغة استراتيجية أمريكية جديدة تجاه القضية الفلسطينية وعمليات السلام ككل.
وفي النهاية، لابد من بلورة استراتيجية فعالة إزاء ما يمكن اتخاذه لاحقاً لإنجاح عملية السلام وفقاً للخطة العربية. فحتى لو تعددت الآراء أخيراً في هذا الشأن؛ فمن الممكن إعادة التوصل إلى صيغة مشتركة تحقق ذلك، خصوصاً إذا ما أوقفت تل أبيب عدوانها السافر وغير المبرر على غزة بشكل كلي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي