حان الوقت لعودة المساهمات العقارية.. ولكن بشروط
العشوائية التي كان يمر بها قطاع المساهمات العقارية في الفترة السابقة ولما خلفته من مشكلات على المستويين الاقتصادي والأمني تسببت في تجميع أموال البسطاء وتعريضها لصفقات عقارية غير مدروسة أدت إلى تضخم غير مبرر في بعض العقارات وإهمال وتلف أموال المساهمين، كما أدت إلى استخدام بعض تلك الأموال في تمويل مشبوه أدت إلى خروج قوانين لتنظيم المساهمات العقارية .
خبر التنظيم جاء في البداية مرحباً به من قبل الوسط العقاري ولكن فوجئنا بمدى شدة وصرامة الشروط والتنظيمات التي وضعت لتصبح من المستحيلات أن يتم طرح مساهمة من قبل الشركات العقارية إذ احتكرت على شركات إدارة الأصول المالية فقط التي ليس فقط تفتقر إلى الخبرة العقارية بل إن الاستثمار العقاري ككل يعتبر من أقل اهتماماتها ناهيك عن الشروط التي وضعتها هيئة سوق المال لإصدار الصناديق العقارية التي عملت على طريقة الصناديق المالية مما جعلها مستحيلة التطبيق.
ومن تلك الشروط التي وضعت لفتح صندوق عقاري والتي تعتبر صعبة التطبيق ما يلي :
* اقتصار إطلاق الصندوق العقاري على شركات إدارة الأصول المالية التي لا تملك القدرة ولا الخبرة في مثل تلك المشاريع كما لا تملك الصلة مع المستثمرين العقاريين.
* إجراءات إطلاق الصندوق تحتاج من الوقت لاعتمادها إلى أكثر من خمسة أشهر مما يصعب انتظار الفرص العقارية لها، حيث يجب تثبيت سعر العقار مدة إنشاء الصندوق وقد يوافق عليه وقد يرفض من قبل هيئة سوق المال وسترجع الخسارة على مالك العقار في حالة الرفض مما ينفر ملاك العقارات لمثل تلك الصناديق.
* ضرورة تصفية الصندوق خلال ثلاث سنوات دون الأخذ بعين الاعتبار صعوبة تصريف الوحدات العقارية في المشاريع الضخمة مما يجعل كثيرا من المشاريع الضخمة والمهمة لا ينطبق عليها هذا الشرط.
* اختصار عمل الوساطة والاستشارة والتنسيق بين المطورين العقاريين وشركات إدارة الأصول على مكاتب معتمدة وهذه المكاتب خبرتها في المشاريع العقارية والوساطة العقارية قليلة إن لم تكن معدومة وهذا يقلل من فرص عمل الوسطاء الذي يعتبر أمرا هام لتلك الصناديق.
* إجراءات اعتماد المشروع العقاري تعتبر طويلة ومكلفة وقد لا يوافق على ذلك المشروع مما يعرض تكاليف تجهيز المشروع إلى الخسارة.
ولتأكيد نظريتي تجد أن السوق السعودية التي تعد من أكبر أسواق المملكة من جهة الطلب الحقيقي للوحدات العقارية والفرص العقارية الجذابة لم تطلق فيها إلا صندوق واحد أو اثنان فقط منذ أكثر من خمس سنوات وهذا يعتبر لا شيء مقابل ما تحتاج إليه السوق أو على ما كانت عليه.
وأنا لا أعني هنا أن تعود فوضى فتح المساهمات العقارية كما كانت عليه في السابق ولكن أقصد أن تتم دراسة آلية تسهل عملية فتح الصناديق العقارية وتكون هناك آليات لضبط عمل تلك الصناديق فيكون الأمر وسطاً وذلك لأهمية المساهمات العقارية في نمو وتطور السوق العقارية وتوفير عروض الوحدات العقارية لتغطية الطلب لكبح جماح أسعارها المرتفعة ولما فيها من عوائد مجزية يستفيد منها المستثمرون الصغار والكبار.
إن بقاء التشدد في إطلاق الصناديق العقارية سيفتح سوق سوداء لفتح المساهمات العقارية غير نظامية وسيشجع على الفوضى بشكل أكبر كما سيؤثر سلباً في توفير الوحدات العقارية التي ستحتاج إليها السوق في الفترة السابقة، لذا فإني أطالب من قام على عمل وتنظيم آلية فتح الصناديق العقارية أن يعيد النظر في تلك الإجراءات وأن يستعين بمن لديهم خبرة عقارية سابقة في فتح المساهمات العقارية ليقوموا معاً بوضع نموذج عملي لفتح الصناديق العقارية دون إفراط ولا تفريط، الأمر الذي سيعود بالنفع على جميع القطاعات، بإذن الله.